عندما سألني أحد القراء عن آخر رواية كتبتها؟
كان ردي غامضا كطبعي فقلت أصدرتها أو نشرتها او كتبتها؟ وحين حار جواباً قلت له الحقيقة مواربة خلف جملة ممطوطة ، في جرير تجد ما خط يراعي.
و لأني لا أحب التحدث عن رواياتي، كانت تلك هي الجملة المعهودة التي ألقي بها في حجر القراء.
أما الحقيقة فانني لم اكتب منذ ما يفوق العامين جديدا وأما عن الأسباب فهي كثيرة ولكن أكثر الإجابات خبثا فاقول اخشى من الحسد؟
وحتى تصلك عزيزي القارىء فكرة هذا المقال، فانصت لمن حولك عن أكثر الأسباب التي يرددونها حين لا يصلون إلى اهدافهم ، لوجدت المدير والعالم والشيخ والتاجر ولاعب كره القدم و الفنان و حتى الخباز الذي يقطن حارتنا لاتفقوا على عذر واه وحيد يردده اغلبهم وهو الحسد.
وبما أن الحديث عن الحسد فلك أن تعلم عزيزي القارى كان عذر قديم وخوف سلب النوم من عيون اصحابه وهو خوفهم من الحسد. لذا تجد في تراث الكثير من الدول وتاريخهم طقوس خاصة لحماية النفس من الحسد وجلب الحظ السعيد منها ارتداء الأحجار الزرقاء في القلائد او الدروع او الخواتم.
بعضهم يستخدم ملح البحر في طرد الحظ السيئ او رجل الارانب او حدوة الحصان أو شجرية الصبار. البخور في طرد الحظ السيء والحسد له حظ كبير في هذا الامور سواء في المساجد أو الكنائس أو المعابد. حتى أن الخوف من الحسد طال الأسماء فاصر الوالدين على تسمية أبنائهم بأسماء غير محببة ، فقط لدرء العين. فجارية المتوكل العباسي وام المعتز كان اسمها "قبيحة" رغم أنها آية في الجمال كما انتشر عن المصريين اسم" شحاتة" لدرء العين ويسمى البدو اسماء غريبة لحماية أبنائهم من العين أيضا.
وبعيداً عن الخرافات فتلاوة الآيات الكريمة تذهب الحسد و تحمي النفس من عيون الحاسدين. ولكن الفكرة التي أود أن أوردها في هذا المقال وهو كم شخص توقف على العمل بأحلامه و تعذر بالحسد وتركها تحلق دونه؟ كم شخص واجه عراقيل في حياته ولم يواصل المشوار و توقف مكانه مستسلما متعللا بالحسد ذريعة لتوقفه.
واصل أحلامك و ادعمها بالحلول لكل تحدي تواجهه بالطريق و دع الحاسدين في كيدهم و غيضهم و اكبر ما توجهه لهم هو نجاحك.
في سنة 1999 كانت شركة تاتا الهندية لانتاج السيارات تواجه مشاكل كبيرة في الانتاج والتسويق فقرر رئيسها في تلك السنة السفر الى امريكا لبيع الشركة لفورد.
رئيس شركة فورد سخر من مثيله في تاتا ورماه بالجهل لدخوله عالم السيارات. فما كان من تاتا الا العودة بفريقه إلى الهند لعلاج مشاكل مصنعه بالحلول التقنية والعلمية والادارية بدلا من اشعال البخور و التعذر بالحسد كسبب فشل شركته. خلال عشر سنوات، حققت تاتا أرباح هائلة فيما تكبدت فورد خسائر جمة في شركة لاند روفر التي اشتراها وقامت ببيعها على شركة تاتا ، الذي لم يهتم رئيسها في تلك الفرصة الثمينة للانتقام من خصمه بل اكتفى مدير تاتا بنجاحه كأقوى صفعة له.
كلنا نعلم ان سنة 2020 ، سنة تحدي كبيرة وسوف يستمر أثرها للسنة المقبلة و ربما اكثر ولكن، من يتخطي هذا الامتحان العسير فلسوف يسيطر على النجاح في السنوات التي تليها. فاصبروا يا اخوتي وثابروا وواجهوا مشاكلكم بالحلول الصحيحة بدلا من التعذر بالحسد والهروب من مواجهة تحديات الحياة .
1 comment
1 ping
عبدالله محمد الغانم
18/06/2020 at 8:01 م[3] Link to this comment
الله يسلمك ويوفقك ويحفظك من كل شر…… ويبعد عنك الحسد. 😎
كلمات وجمل و سرد جميل…. لكن الصحيح من الأخر الله يبعد عنك الحسد. 👁️