عندما نتحدث عن النجاح فنحن نتحدث عن الإنجازات والوصول إلى الأهداف التي طالما عملنا واجتهدنا لها وافنينا عمرنا ووقتنا ومالنا للوصول إلى الغاية المنشودة. ولكن الغريب هنا لما لا نشعر بالسعادة بعد أن تربعنا على عرش النجاح؟قد يبدو هذا السؤال غريباً و لكن سوف اضع هنا بعض الأمثلة الناجحة التي تشرح نظريتي في مجالات شتى ومع ذلك لم تستمر سعادتها.
من عالم الكتابة: دكتور اسمه آرثر دويل كونان و الذي عرف بابتكاره شخصية التحري العبقري " شيرلوك هولمز" وصل إلى قمة النجاح و تهافت الجمهور على اقتناء القصص و شراء الصحيفة التي تنشر مغامرات التحري الشهير. مل المبتكر من تلك الشخصية و قرر قتلها في احدى الحلقات و توجه لكتابة نوعية مختلفة من القصص. النتيجة ان الجمهور ثار عليه وعلى الصحيفة و اضطر مرغما على إعادته للحياة.
من عالم الرعب، اشتهر ستيفن كنج صاحب الروايات التي تحولت لأفلام ومسلسلات وبيعت النسخ بالملايين. قرر ستيفن أن يخرج من قالب الرعب فكتب " دار شوشانك لاعادة التأهيل" و " الميل الأخضر" و لم يصدق الجمهور أن ستيفن هو الكاتب نفسه فاتهموه بسرقة القصص!
من عالم الكوميديا : جيم كيري الذي اضحك الملايين و صاحب الوجه ذو الألف وجه كما لقبه جمهوره، رغم نجاحه الكبير في عالم الكوميديا قرر أن يقدم شخصيات جادة. و رغم فوزه بجوائز ولكنه اصيب باكتئاب حاد، خاصة بعد انتحار حبيبته و فشله في إنقاذ حياتها.
من عالم الرياضة: مايكل جوردن، لاعب كرة السلة شيكاغو بولز ، لقب بعملاق الفضاء وله لقطه وهو " يسير حرفياً" في الهواء ليسجل رمية لم يقاربها لاعب اخر على الاطلاق و يتربع على عرش أفضل لاعب كرة سلة بالتاريخ . بعد مقتل والده على يد لصوص ، اصيب باكتئاب حاد وقرر لعب كرة المضرب ليصبح اسوء لاعب في تاريخ اللعبة ثم يعود للعب السلة من جديد.
من عالم التمثيل: كيانو ريفز الذي عرفناه في ثلاثية الماتركس اصبح حبيس شخصية " نيو" من الفلم ولم تزول الا حين ابتكر شخصية اخرى وهي "جون ويك" و استخدم مخرج خبير الجيجتسو والذي كان يؤدي ادوار خطرة بديلا للبطل " تشاد ستلسكي" ليصبح البطل اكثر واقعية و يتعرض للضرب والألم ثم ينتصر في النهاية عكس سابقية الذي جعلت من البطل "سوبرمان" لا يتأثر و لا ينهزم ولو قاتل جيوشاً جرارة.
الامثلة كثيرة و لكن آثرنا الاختصار لشرح الفكرة، والتي هي أن يتحول نجاح الشخص إلى لعنة نحس تلاحقه حيثما ذهب. فيظن المرء وقتها أن بإمكانه كسر قالب نجاحه والبدء من جديد في شكل آخر وهي حالة من اللارضا التي تجعل الإنسان في سباق لاهث نحو الأفضل و نحو قمة جديدة يتسلقها.
الحل الأمثل لكل تلك الحالات وغيرها هو الإيمان بأن نجاحك لم يكن ليكتمل لولا ترياق مهم ، الا وهو توفيق إلهي به، قوى خارجية تفوق أي تصور أو خيال بالعالم ومنه تتكلل محاولاتك بالنجاح. متى أيقنت بوجود من يدير الكون، استوعبت حجمك الحقيقي و تقبلت مصيرك دون عصيان و قدرك دون إعتراض. التواضع هو اساس القوة والنجاح. النجاح شغف وليس هوس ، هنا الفرق .
الرضا هي أساس السعادة وتذكر كما يضحكك الدهر ، كذاك الدهر يبكيك . وكما يقول المثل الشعبي "لو دامت لغيرك لما وصلتك انت"
م علي الماجد