في الماضي القريب لمن هم من جيلي ويسكنون الحجاز أو ربما مناطق اخرى في السعودية أو في الوطن يعرفون تماماً ( فرّقنا ) ولمن لا يعرفه: هو بائع متجول كان يحمل (بُقشه) فيها بعض الأغراض زي الملابس والأقمشة وكل ما تريد
ويتجول في الحارة يقول .. فرّقنا
وهو يغنيك عن الذهاب للتسوق . وهي من المهن التي انقرضت حالياً ، لكن لاتزال تمارس بشكل مختلف ومتقدم ( الكترونياً) . مثل مواقع التسوق ( امازون ، علي بابا ، سوق ) وهي تبيع كل شيء قد تملكه وقد لا تملكه ، والذي يبيعه قد يعرف تفاصيل مكوناته ومواصفاته ومعاييره وكثيرٌ لا يعرف.
ومن خلال أزمة كورونا ظهر انا نوع جديد من( فرّقنا ) وهو ( فرقنا الدورات) .
وهناك ثلة ممن امتهنوا هذه المهنة خلال هذه الأزمة واستغلوا الجلوس في البيوت بإطلاق عدد من الدورات والمحاضرات والندوات والمعسكرات التدريبية بحجة استغلال اوقات الفراغ بما يفيد .
ولنتفق أنني لست ضد هذا (الاستغلال ) ولست ضد هذا التوجه!! ولكني ضد :-
1- العشوائية وهي عكس التنظيمية من أجل حلول للمشكلات وهى التي يكون فيها العلاج او الحل أسوء من المشكلة ذاتها.
والتي تؤدي بدورها الى اختيارات عشوائية لمتلقيها . حيث يغفل فيها تحديد الأسباب وبالتالي تتفاقم المشكلة .
2- ظهور (الكدادة ) وهي مهنة .. مشتقّة من "الكدّ" أي التعب وتعني "الكدادة" في العرف السعودي مهنة توصيل الركاب بالسيارات الخصوصيّة التي يمتلكها ، وغالباً ما تمارس في لسد أوقات الفراغ أو لزيادة الدخل ، فهي لا تحتاج إلى الكثير من الجهد والعلم ، والقليل من الجرأة والمعرفة في كيفية اقتناص العميل، وليس فيها (رسميات) والتقيّد بالدوام .
وليس ما اقصده ازدياد عدد كدادة السيارات، وإنما كدادي الدورات الذين يشغلون اوقات فراغهم في انزال عدد من الدورات التدريبية للتدريب المشاركين فيها إلكترونياً بعيدة عن تخصصه وخبرته وتجربته ، إنما هو مع الركب .
3- ظهور قائمة العروض والتخفيضات الاسبوعية للدورات التدريبية ، والتي تشبه الى حد كبير قائمة العروض ( للهايبر والسوبرماركت) من أجل جذب العملاء وإغرائهم بالشراء لاحتياجاتهم الرئيسية بكميات اكبر . والتي ربما يحتاج منها القليل . أو يقوم المتمرس في التعامل معها في التنقل بين تلك ( الهايبرات) واماكن العروض للشراء ، وهو تصرف ذكي لإشباع غريزة التوفير ،( إلى حد ما) ولا يعلم أن هناك هدر للوقت والمال في البحث والتنقل ، وقد يشتري مالا يحتاج حالياً .
وفعلا هذا ما يحدث الآن!!
فعندما تتوجه الى مواقع التواصل المختلفة تجد العديد من العروض المشكلة والمختلفة والمغرية ، لدورات ما سمعنا بها قبل ، ولأسماء اشخاص حدودهم ( دورة - أو كتاب ) ومسيرتهم المهنية في التدريب كـ«مدربين » التي لا تتعدى دورة تدريب مدربين، ولقاء تلفزيوني، وعشر تغريدات، وصفحة في الفيس بوك. ليصبح بعدها المدرب المعتمد من المنظمة والرابطة والاتحاد والأكاديمية العالمية التي لم نسمع بها إلا في السير الذاتية لهذا المدرب .
4- الشلولو !! ليس المهم أن تشارك المهم بماذا تشارك وهل أنت أن أهلاً للمشاركة .
يظن البعض أنه لابد أن يساهم يأي شيء في هذه الأزمة، حتى لو قدم ( الشلولو ) وهو علاج الكرونا المضحك . والحقيقة أننا نحتاج إلى مشاركة حقيقة تحدث أثراً وتغييراً وتحولاً ، وتقديم نصائح وارشادات ودورات تسهم في ذلك تنبع من المعرفة - والتجربة السابقة - والخبرة . لا أن نجرب ( الحلاقة على رؤوس اليتامى) ولا بمبدأ ( خبط ليّس يطلع كويس ) . لذا ارجوكم ( لا تفتوا بغير علم )
إذن ماذا؟
علينا أن ندرك أولاً حجم المشكلة واسبابها وأولوياتها ، وما الذي يناسبنا ومالذي نحتاجه!! حيث نحتاج (الوعي والإدراك والابداع والذكاء ) ، بهدف ( التقدم) وهذا ما ينطبق على الفرد والمنظمة والمجتمع .
ولماذا ؟ وكيف؟
ليس المهم لماذا لأن (لماذا )
هذا ما سأجيب عليه في مقال آخر مفصلاً كاملاً . لكن المهم كيف ؟
كيف لنا أن نتعامل مع هذه الموجه العالية والمتلاطمة في الدورات.
أولا: حدد اولوياتك !! فتحديد الأولويات هو الأهم لك ثم يتبعه والذي يلزمه قرار منك
ترتيب الأولويات: حيث إنّ الأهداف تختلف في أهميتها، فهناك المهم وهناك الأكثر أهميّةً، ولذلك فعلى الفرد أن يعيش في دائرة الأمور المهمّة، ويُنفّذها تاركاً الأنشطة غير المهمة، وهذا من شأنه تحقيق أهدافه في وقت أقلّ وبكفاءة أعلى.
"ليعلم المدربون بأن المتدربين يقرأونهم قراءة متروية عندما يتعاملون معهم ..فلم يعد أحد جاهل في أيامنا هذه . الكل مثقف ولديه رصيد ثقافي ما يستطيعون من خلاله نقد ما يجدونه أمامهم من أشخاص وأحداث."
ثانياً : تعرف على ذاتك ، واكتشف قدراتك .
كثير منا لا يعرف مكامن قوته ونقاط ضعفه ، واسهل الطرق لذلك هي الجلوس مع نفسك والتعرف عليها ، أو اللجوء الاختبارات الشخصية ، والمهنية مثل اختبارات ( ديسك - بيركمان ) للتعرف على نفسك واحتياجات الشخصية والوظيفية المهنية ، من أجل تحديد الهدف ، وتوجيه المسار وسد الفجوة بالتعلم .
ثالثاً : معايير الاختيار والتدريب .
ويمكن أن ذلك هو الأهم في الفترة الحالية مع كثرة المعروض والعروض المقدمة للدورات التدريبية وحتى لا نقع (شَرَكْ ) الموجه علينا توخي الخذر والدقة والجودة في وضع المسار التدريبي واختيار الدورات المناسبة.
المسار التدريبي: هو مجموعة من البرامج التدريبية المنظمة والمحددة لتحقيق المتطلبات والاهداف وسد الفجوة من المعارف والمهارات والاتجاهات اللازمة لتحقيق الأداء الأمثل والتطوير من أجل زيادة الانتاجية والفعالية .
التدريب = معرفة + مهارة × عمل محدد = أعلى انتاجية .
وللتدريب معايير لابد من الانتباه لها وهذه المعايير تنقسم إلى ثلاثة أنواع :
١- معايير تتعلق بالمدرب :
المستوى والتخصص الأكاديمي والكفاءة والخبرة للمدرب و النجاح العملي الذي قدمه المدرب في عمله و بيئته تجربته السابقة وذلك من أجل تقديم تطبيقات وحلول ونماذج عملية .
و ٢- معايير تتعلق بموضوعات الدورة والحقيبة التدريبية:-
وهي ملاءمة الموضوعات مع احتياجات المتدرب التطويرية ، ومدى الشمولية للغايات والأهداف،
ومصداقية المعلومات والبيانات والمواكبة مع خصائص المتغيرات المتطورة ، وملائمة النظريات والمعلومات لمجتمعنا و بيئتنا .
ومدى قابلية المادة التدريبية للتطبيق وفقًا للظروف والإمكانات المتاحة .
٣- تتعلق بمؤسسة التدريب. الكثير من الدورات التدريبية الموجودة في الساحة التدريبية بلا مقر ولا نظام إداري دوري، وإنما عبارة عن شخصين أو ثلاثة ينظمون نشاط تدريبي و يحررون شواهد رخيصة ليوزعوها في آخر الدورة أو مؤسسات الكترونية وهمية أو معتمدة من جهات ليس لها أي أساس. ما يهم المتدرب من المؤسسة هو اعتمادية الشهادة المقدمة في آخر التدريب ومدى فعاليتها. و لكيفية التحقق من اعتماد جهة معينة بخطوة بسيطة وهي: كتابة إسم الجهة في محركات البحث المعروفة، والاطلاع على التصنيف العالمي لها و تاريخها وأهم ما قدمته. وهذا أيضا ينطبق على المدرب .
فقط تحتاج إلى وقفه بسيطة لتعرف هل نحن أمام موجه وسوق جديدة في الدورات ؟ ومهنة ( فرقنّا ) جديدة لنختار من (بُقْشة) عالم الدورات والمدربين ؟