"أصحاب الهمم" كما يعرفهم البعض هم الأشخاص الذين يعانون من قصور في قدراتهم الجسدية، الحسية، العقلية، الاتصالية، التعليمية، أو النفسية، بشكل كلي أو جزئي، دائم أم مؤقت، وذلك نظراً للجهود الجبارة التي يبذلها كل شخص منهم في التغلب على التحديات اليومية لتحقيق الإنجازات المختلفة.
فذو الهمة العالية ينظر إلى المستقبل وينطلق نحوه بكل عزيمة وثبات فلا يظل حبيس الماضي أو متردد الخطى في الحاضر فهو في تقدم مستمر، فمن يخاف من المضي نحو الغد الأجمل سيبقى لا يراوح مكانه وستتقاذفه رياح الحياة حتى يهوي في الفشل ويغدو مسلوب الإرادة وعديم الشخصية، فالمضي نحو المجد يحتاج إرادة قوية وعزيمة وصبر وقدرة على مواجهة التحديات وكما قال الشاعر:
لا تحسب المجد تمرا أنت آكله
لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا
وهل هناك عزم أعظم من عزم أصحاب الهمم العالية الذين يتحدون الصعاب ويصرون على وضع بصمة إيجابية في حياتهم ينالون بها المجد والذكر الحسن وحسن الجزاء في الآخرة ويصبحون مثالا وقدوة لمن سواهم ومضرب المثل في مجتمعهم فيحذوا الآخرون حذوهم ويقتدوا بهم، فكم من أناس أصحاء أكفاء ولكنهم يأكلون ويتمتعون كما الأنعام ويبقون عالة على مجتمعاتهم فليس لهم أي تأثير إيجابي أو عمل فيه النفع والخير للآخرين لذلك وجودهم كعدمهم، فديننا الحنيف يحثنا على القوة والمثابرة والإيجابية وكما قال عليه الصلاة والسلام: "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف"
أصحاب الهمم العالية برهان حي لأصحاب النظرات السوداوية والمتشائمة على أن الإنسان هو من يصنع واقعه وأن الفرصة متاحة أمام الجميع ليحققوا أحلامهم وينالوا أمانيهم ولن يتسنى لهم ذلك إلا بالهمة العالية والإصرار والعزيمة وهي صفات يتحلى بها من كان نقي الوجدان تنبع العظمة من داخله فينطلق ويحقق ما يصبو إليه متجاوزا كل المعوقات والإعاقات، فالإعاقة ليست إعاقة الجسد إنما هي إعاقة الإرادة فها هم أصحاب الهمم بقدراتهم المختلفة يسطرون كل يوم إنجازات ربما يفوق بعضها ما ينجزه سواهم، وقد ذكر لنا التأريخ الكثير منهم ممن وصلوا إلى مراكز عالية وتركوا بصمات كبيرة في ميادين العلم والمعرفة وغيرها من المجالات، ما يؤكد أن الشخص الناجح يمضي قدما ويحفزه نجاحه على المزيد دون انتظار لتقييم الآخرين لهذا النجاح وكما قيل:
إذا غامرت في شرفٍ مرومِ
فلا تقنع بما دون النجومِ
ومن هذا المنطلق أحب أن أنوه إلى أن أصحاب الهمم يجب أن يحضوا بما يحتاجونه من التعليم والتدريب والتأهيل الذي يمكنهم من إطلاق طاقاتهم وإبراز قدراتهم الأمر الذي يسهل أمامهم الإندماج مع مجتمعهم والانخراط في سوق العمل كل بحسب قدراته والذي سيؤدي إلى مزيد من التغلب على جوانب العجز والقصور والحد من الاعتماد على الغير وبالتالي يتم تمكينهم من ممارسة أدوارهم ومهامهم تجاه أنفسهم وتجاه وطنهم بكل كفاءة واقتدار والمشاركة في مسيرة البناء والتنمية.
لذلك يجب أن نثمن كل المبادرات والفعاليات الاجتماعية والثقافية التي تسهم في دعم ورعاية أصحاب الهمم ومساعدتهم في كثير من الجوانب بما يرفع معنوياتهم ويزيد ثقتهم بأنفسهم وقدراتهم الأمر الذي يستوجب مزيدا من التعاون والتنسيق بين كافة المؤسسات الرسمية والشعبية بما يصب في مصلحة أصحاب الهمم والمجتمع ككل.