تعد زيارة السيد رجب طيب اردوغان للعراق في شهر ابريل القادم اول زيارة لرئيس تركي للعراق منذ زيارة توركوت اوزال لبغداد
وبعيدا عن الملفات التقليدية المطروحة للنقاش مثل ملف الامن والمياه وطريق التنمية فان الجار التركي محكوم بعلاقته مع العراق رغم كل ما يقال في الاعلام بقدر لا يستهان به من تراكمات التاريخ والمصالح فتركيا لا زالت تعتقد بان بعض من العراق مرتبط بالجغرافية السياسية وخصوصا وان الحزب الحاكم فيها يرتكز الى جذور من الاسلام السياسي السني في المنطقة.
صحيح ان بغداد المنقسمة تطمح الى مقايضة الامن بالمياه وطريق التنمية شبه الخيالي بانسحاب تركي من العراق ولكن اظن انه نوع من الأحلام بسب تعقيدات الوضع السياسي العراقي وتشابكه مع أجندات اقليمية معروفة لذا فان الزائر التركي سوف لن يفرط بعلاقته الممتازة مع اربيل وخصوصا مع قيادة البارزاني والتي تعاني من تأزم و اختلال كبير في علاقتها مع المركز في بغداد.
هناك حقيقة ان الرئيس التركي المعروف ببراغناتية ليس لها حدود سوف يسمع بغداد كلاما طيبا ووعودا لن تنفذ سواءا في ملف المياه أو تقليص قواعده العسكرية المنتشرة في شمال العراق. لانه يدرك ان مفاعيل العلاقة مع بغداد ترتبط بالفاعل الرئيسي في طهران وطموحاته واهدافه في العراق.
ان انسحاب الحزب الديموقراطي الكردستاني من الانتخابات البرلمانية في هذا التوقيت ليس مجرد صدفة فهذه الزعامة الكردية الممثلة بالزعيم الكوردي مسعود البارزاني صعبة المراس وتمتلك خبرة هائلة وحكمة وحلم في تصريف امور السياسة والعلاقات الدولية
فليس امرا سهلا نجاح محاولات اضعافها او تهميشها او ازاحتها من المشهد السياسي العراقي كما تتمنى اطراف مرتبطة بسياسات ايران في العراق والمنطقة.
ان الرئيس اردوغان لن يفرط بعلاقته القوية مع اربيل مهما كانت الإغراءات والوعود مقابل انحياز السليمانية وميلها كل الميل الى جانب طهران ومنظومة الحكم في بغداد .
نحن امام صيف ساخن في العراق يشتبك فيه البعد التركي والايراني والإقليمي والعربي والدولي بصور متعددة ولكني اعتقد جازما ان قيادة السيد مسعود البارزاني وزيارة رئيس وزراء الاقليم السيد مسرور البارزاني الاخيرة الى واشنطن لا يمكن فصلها عن تطورات ما يجري في الساحة، واستطيع القول ان ما ارسته الزعامة الكردية من شبكة علاقات دولية مهمة ومصالح اقتصادية سوف توفر حماية ومظلة حمائية قوية لاربيل ومن يريد العودة إلى التاريخ فان منطقة خطوط الطول والعرض لكردستان العراق في زمن حكم الرئيس العراقي الراحل صدام حسين سوف يدرك ما سيحصل . فحكومة الإقليم التي تمتاز مواقفها بالقراءة الصحيحة للواقع ولها دراية عميقة بتضاريس المنطقة وسوف تخرج منها اقوى من الاول خصوصا مع مؤشرات اقتراب عودة انتخاب الرئيس الامريكي ترامب الى سدة الحكم وما سيوفره من قلق وضغوط وتهديد لمخططات ايران.
* كاتب واكاديمي من العراق استاذ القانون والنظم السياسية في جامعة الاخوين في أفران المغربية