الأمم والشعوب تسعى دائمًا لتحسين العلاقات ، وتبذل الجهود بشتى الوسائل لتحقيق ذلك ، وهو أمر طبيعي يقبله العقل السليم .
والمسلمون جميعا يدعوهم القرآن الكريم بعد ايمانهم بالله تعالى إلى الاعتصام بحبل الله مجتمعين غير متفرقين، لأن صفة الأخوة تتحقق عند الترابط والتعاون فيما بينهم
ودينهم الاسلامي اذاكان مبدأه الأساسي احترام الانسانية جمعاء بغض النظر عن اللون والانتماء كان هذا دليل على أن الإسلام دين الرحمة والسلام والمحبة والوئام.
وعند الحديث عن القضية الفلسطينية التي هي القضية الأولى للمسلمين منذ ١٩٤٨إلى الآن . وليس بمعنى ذلك أنه ليست هناك قضايا أخرى بل هذه القضية هي قضية عالمية ،قامت الهيئات الدولية لايجاد حل سلمي لها كلها باءت بالفشل ، والداعي الى ذلك وجود أطراف خارجية عن المحيط الفلسطيني تحمل دوافع سياسية للعب دور كبير في ابطال عملية السلام ، وهذا ما نلاحظه في الأيام الاخيرة بوحود إيران في صنع مليشيات داخل الصف الفلسطيني منذ مجيء الخميني بثورته المزعومة لخدمة المشروع الصفوي الايراني الذي يدعو الى المجوسية الفارسية .
ولكن هناك أطراف خارجية اخرى تحمل مبادئ السلام وتعمل ليلًا ونهار من خلال القنوات الديبلوماسية لإيجاد حل سلمي لازمة فلسطين منذ المحنة الى اليوم .
وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية من المؤسس الملك عبدالعزيز ال سعود -رحمه الله- إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الامين الامير محمد بن سلمان حفظهما الله.
جهود السعودية دائما مستمرة في دعم فلسطين ماديًا ومعنويا ، وتظهر ذلك في عبارتها ( الشعب الفلسطيني له الحق المشروع للدفاع عن النفس والسعي لتقرير مصيره لإعلان دولته المستقلة على تراب وطنه والقدس عاصمة فلسطين.
وفي الجانب المادي تكفلت المملكة العربية السعودية بجعل جزء من ميزانيتها السنوية للقضية الفلسطينية من دعم السفارات والقطاعات الحكومية الأخرى .
وجميع ملوك المملكة العربية السعودية قاموا بدعم فلسطين عبر العصور .
وفي هذه الأيام ومدينة غزة تشهد حرب ابادة واسعة النطاق من إسرائيل بضلوع ايران في تأجيج نار الحرب فيها لإفشال المبادرة السعودية التي تقدم بها السياسي المحنك صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان حفظهما الله.
والشعب الفلسطيني يعيش بين جمرتين من نار جمرة اسرائيل وجمرة حماس ، حيث صار مغلوبا على أمره وهو الذي يذهب كبش فداء لصالح مشروع نظام ولاية الفقيه في إيران .
ولكن المملكة العربية السعودية التي دائما في المقدمة في فعل الخير ابتغاء مرضاة الله، وهو مبدأ أساسي منذ تاسيسها ، لم تترك خيرًا الا وقامت بفعله ومن الخير الشعور بمعاناة المسلمين في مشارق الارض ومغاربها، فكانت للدبلوماسية السعودية دورها الفعال لايقاف العدوان الاسرائيلي على فلسطين ولاسيما غزة ، فاتصلت بجميع الدول والهيئات برفض العدوان اضافة الى تهجير الفلسطينيين الى خارج فلسطين .
لقد خسر المرجفون الدين يفترون الكذب على السعودية ظلمًا وعدوانًا من عند أنفسهم بعدما تبين لهم الحق بوجود شخصية عظيمة دولية وإسلامية واقليمية هي شخصية محمد بن سلمان .
هو قائد في منتهى الحكمة والدراية في معالجة القضايا من خلال استراتيجية واضحة بعيدة المدى.
واليوم يتوج لقضية فلسطين تاج الاخوة الاسلامية والشعور بالمسؤولية فيدعو -حفظه الله - إلى انعقاد قمة إسلامية استثنائية بالرياض 12من نوفمبر 2023 لإيقاف العدوان الاسرائيلي على غزة .
أتت القمة لتقديم رسالة واضحة امام العالم إلى أن المملكة العربية السعودية لاتلتفت إلى أقوال السفهاء والحمقى لأنها أقوال تذهب مهب الريح مصداقًا لقول الله تعالى :
﴿ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَّابِيًا ۚ وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ ۚ كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ ۚ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً ۖ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ ۚ كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ﴾
[ الرعد: 17
المملكة العربية السعودية تعيش آلام الأمة وأفراحها ، وذلك بوجود الحرمين الشريفين فيها ، يفد إليهما القريب والبعيد والقوي والضعيف والغني والفقير ولايجدون فيها سوى خدمتهم جميعا من أعلى مسؤول إلى أدنى مسؤول تحت قيادة تشعر بالتلاحم دائما .
هي مملكة الأفعال بعد الأقوال في خدمة الانسانية ، وليست في تمجيد أصنام، أو الدخول في صراعات ، أو فرض إملاءات على غيرها بل تسعى للم الشمل وتوحيد الصف .
بقلم الشيخ: نورالدين محمدطويل
إمام وخطيب المركز الثقافي الاسلامي بمدينة درانسي شمال باريس في فرنسا