كتب لها رسالة على الواتس:
مساء الخير..
الان أصعد الطائرة، دقائق ويتم الاقلاع، واتوقع الرحلة لن تستغرق أكثر من أربع ساعات ..
لقد اشتقت لكم جميعا.
(21) يوما مدة طويلة ، ولكن الحمد لله انقضت على خير.
وأضاف في رسالته:
سأكون في البيت على غروب الشمس السابعة مساءً إن شاء الله.
فكتبت له:
جيد، ستحضر الى البيت وسأكون بالخارج عند صديقتي حيث ولدت ابنتها وأريد أن أذهب لزيارتها لمباركتها المولود مع صديقاتي..كما أن الأبناء سيكونون نائمين تجضيراللمدرسة.
كتب: للمدرسة !! اليس غدا يوم جمعة !!
كتبت: صحيح غدا يوم جمعة .. سهى عليّ !!
اخذ مقعدة داخل الطائرة..
ثم كتب لها وماذا عن الطعام فأنا مشتاق للأكل من يدكِ؟
عندما تحضر ستجد بعض المقالي قامت بإعدادها المربية...
لم يرد عليها ..
واكتفى بما كتبه ..
فقد عرف أنها لن تتغير ولن ينصلح حالها ..
حتى سفر الأيام لم يكن لها فرصة لتراجع حياتها .. واستقرارها ..
سأل نفسه: الى متى سأظل على هذه الحال..
ومتى سأقوم بإنصافي وأبنائي!!
لم يستغرق كثيرا في التفكير، وأخرج دفتر مذكراته الذي اعتاد على الكتابة فيه وتدوين خواطره وأفكاره ومواقف من حياته الأسرية والعملية به...
فتح الجزء المخصص بحياته الأسرية ووجد أنه منذ زمن لم يكتب أي خاطرة إيجابية..
اغلق الدفتر .. فقد بدأ شريط الذكريات يعود به ..
سلّم نفسه للذكريات وأخذ يعاودها وهو ينظر من نافذة الطائرة وهي تتحرك استعدادا للإقلاع..
تذكر ..
أبناءه الثلاثة وأكبرهم قارب الثامنة عشر ربيعا وأصغرهم في العاشرة من عمره .. كيف كان يهتم هو بهم في ملبسهم ومشربهم وخروجهم ودخولهم... إلخ ..
فقد كانت هي مشغولة بالدراسة وتحضير رسالة الماجستير في التجميل النسائي ..
وكيف أنه كان يقول: فترة وستمضي وستقدر لي هذه المواقف ..
ولكن هيهات هيهات ..
فلم يكن منها إلّا أن تعودت بل واعتبرت ذلك من حقوقها!
تذكر وصية والدها رحمه الله عندما قال له تحملها وأرجوك لا تطلقها مهما حدث فهي رعناء ولا تقّدر حساب الأمور ..
تذكر أخوها صديق العمر والطفولة عندما قال له: لن أجد رجلاً بمعنى الكلمة لأختي سواك ألتمس منك العذر فالنساء خلقن من ضلع أعوج..
لم يكن زواجه منها فقط ثمانية عشر عاما بل خمسة وعشرين عاما!
حيث خضعت لعلاج عقم مؤقت كانت تعاني منه،
تذكر كيف أنه كان يقف بجانبها ويقويها بالأمل وان الأمر عارِض ويزول ..
لم يفق من ذكرياته إلا على صوت التنبيه بأن الإقلاع قد يتأخر سبع دقائق فقط بسبب ازدحام مدرج الإقلاع...
عندها تذكر صديقه وجاره ..
فكتب له: أنا بالطائرة قادم خلال ساعات ..
ما هي ثواني ووجد رسالة رد من صديقه:
بداية حمدا لله على سلامتك، أضاءت المدينة، اشتقنا لجلستك..
سأكون في انتظارك في صالة المطار ..
أنا الآن في نزهة مع أبنائي وأمامي ساعة لأكون معك.
واختتم رسالته (بأموجي) ابتسامة ..
شتان بين الرسالتين..
وشتان بين القلبين ..
هكذا قال لنفسه ثم أغمض عينيه لعله ينام قليلا..
أما هي..
فقد ذهبت الى ابنة صديقتها مع صديقاتها ..
ولم تنتظر منه أي رسالة أو لم تطلب منه رسالة يخبرها بأنه في البيت فقد اكتفت بما كتبت ..
وفي مجلسها ..
طرحت إحداهن سؤالا عن المرأة المثالية..
فأجابت مخاطبة الحاضرات ..
اعتبر نفسي من هذا الصنف
وازعم بأني زوجة وربة بيت وأم ناجحة وعصرية متطورة ..
هكذا ترى نفسها ..
وهكذا تحب أن يشار لها بالبنان ..
لم تكن يوما هكذا وما كان لها أن تكون.
فهي لم تسع إلى ذلك إو تعمل عليه ولكنه حب الظهور وفتنة الشهرة .. بين قريناتها تجعلها تغلف حقيقة واقعها بالمثالية المصطنعة ليس الا...
وصل الى المطار..
وبالفعل وجد صديقه في انتظاره
وهو يحمل باقة من الورد له كهدية رمزية على سلامة الوصول ..
ابتسم هو للموقف وخاطب صديقه:
لقد اتعبت من بعدك يا صاحبي..
رد صديقه:
لم اتعلم هذه الحركات إلا منك ..
رافقه الى السيارة وهو يقول له لا إنسى مواقفك معي وتعهدك المستمر لي مع زوجتي وكيف تعلمت منك احتواء حواء..
كانت جلسة مفعمة بالضحك وتبادل الحديث والطرف والقصص عن الرحلة استمرت إلى قرابة العاشرة مساءً..
ثم عاد إلى بيته ..
لم يجدها .. فهي لم تعد
كان يمني نفسه لعلها تأتي (معتذرة)
ثم ما لبث ساعة وشعر بها قادمة ..
نظرت إليه بابتسامة لم تكن من القلب لإنها لم تحرك أي شوق ..
خاطبته:
ماذا أحضرت لنا من الهدايا ..؟
قالت العبارة دون حتى ابتسامة حتى ولو مرسومة كذبا !!
هي كما هي ..
لم تتغير ..
ولا يريد أن يقول لن تتغير فمازال لديه أمل!!!
قام من مقعده..
محاولا رسم ابتسامة يعبر بها عن سروره برؤيتها إلا انها صدمته بقولها :
أين حقيبتك أريد ان ارى الهدايا وكذا هدية مبيعات الطائرة !!
اريد تصويرها وإرسالها عبر (السناب شات) لصديقاتي!!
تمالك نفسه
أمام هذا الصخر الذي في هيئة إنسانة!!
وقال: لم احضر شيئا لك، فقط للأولاد ..
عندها ضحكت ...
وقالت لا تستطيع ولن تستطيع ..
قال: ولما ؟
قالت بغرور: لأني أنا !!
ثم أخذت تقترب منه وهو يعود للوراء حتى سقط على الكرسي ..
وحقيقة الأمر ..
انه سقط من السرير ..
فقد كان حلما ليس أكثر ..
قام منتصبا وهو يعٌدل هندامه قائلاً:
فكرة الزواج مشروع غير مجدي ..
عليا الذهاب للجامعة وحضور المحاضرات أولى .. انتهى
✒ الكاتب: عبدالله عمر باوشحه