قد يقوم اي رئيس امريكي بزيارات خارجية تبعا لتقديرات السياسة الخارجية للولايات المتحدة الامريكية، فهذا امر مفهوم بسهولة ولكن الاصعب هو تبدلات السياسة والمواقف ومدى كفاءة النظام السياسي وقدرة القيادة في فرض هذه التبدلات والتحولات على الاطراف الاخرى، ليس خافيا على المتابعين ان الادارة الديموقراطية لا تكن ودا للمملكة العربية السعودية وصل بها لحد ان بايدن وعد بانه سيجعل من المملكة دولة منبوذة في المنطقة وزاد بتصرفات اكثر في ملفات اخرى ولكن المثير في السياسة الخارجية السعودية التي وضع ركائزها بدقة ولي العهد الامير محمد بن سلمان وينفذها بكفاءة الوزير الشاب الامير فيصل بن فرحان تقوم على الصبر والمثابرة والتفاعل بغية السعي لتحقيق الفوز بتسجيل النقاط وليس بالضربة القاضية اعتمادا على احتساب عناصر قوة الدولة وتوظيفها في استراتيجية فعالة من مد الجسور التواصل والضغط على الخصوم في المواضع التي توجعهم. مجيء بايدن ونزوله من الشجرة العالية في مطار المملكة يمثل انجازا مبهرا لذكاء وقدرة ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان في التعاطي بمهارة وارادة سياسية مع المتغيرات الدولية وتوجيه رسائله بعناية لمن يهمهم الأمر بان الرياض ليست عاصمة الطاقة في العالم والنظر اليها وكانها مجرد مزود طاقة فحسب انما امتازت بمهارات الفعل و تحقيق المكاسب وهي باتت الرقم الاصعب في المنطقة ومن يريد تجاوزها فانه يسبح في الوهم .. ان مكانة المملكة اليوم لا تنحصر في تمتعها بعلاقة صداقة وتعاون تاريخية مع امريكا فقط كما كان يصور ذلك البعض، فالقيادة السعودية نسجت علاقات مصالح ومنافع مع قوى دولية نافذة اخرى مثل الصين وروسيا وفرنسا بالشكل الذي يضمن التوازن ولا يخل بعمق تبادل المصالح الحيوية مع الولايات المتحدة رغم تباين مواقف الادارات الامريكية فهي تدرك بان السياسة في زمن العولمة اضافة الى انها مصالح هي فن التوقع والابتكار وسرعة اتخاذ القرار والتفاعل مع متغيرات السياسة الدولية. بايدن في السعودية هو اعتراف جدي بموقع السعودية القوي في السياسات الدولية وان مناكفتها تجلب له متاعب أو قل اوجاع للداخل الامريكي وعلى ادارة بايدن تصحيح مسار العلاقة مع دول المنطقة ومعالجة هواجس الامن والطاقة والسلام وخصوصا ما نمثله ايران من سياسات وتوغل وزعزعة استقرار. ربما سيسمع بايدن كلاما واضحا من القيادة السعودية بان توجهاتكم ومواقفكم كان مسارا خاطئا وعليكم تصحيح المسار وان مخرجات حرب اوكرانيا وضعت العالم في مكان مختلف، صحيح ان امريكا دولة Great power وهذا لا خلاف عليه ولكن عالم اليوم تغير فقوة الدولة لا تنحصر بعامل واحد أو اثنان، مفاعيل القوة اليوم ترتكز الى الذكاء واحتساب عناصر القوة ومهارة الدور وكفاءة القيادة، اليوم في هذه المنطقة حقيقة واضحة للعيان بان هناك لاعب سياسي واستراتيجي لا يمكن تجاوزه يمتاز بالفطنة والحزم والحيوية وشدة المراس هو محمد بن سلمان .
.
.
.
.
.
* كاتب واكاديمي من العراق