عاصفة الشيعة تهب ريحها على جمهورية مدغشقر :
بزغ فجر الإسلام وامتلأت الدنيا بهجة وسرورًا ، فلم تبق بقعة على الأرض إلا وراية التوحيد ترفرف فوقها شاهدة بالوحدانية لله سبحانه وتعالى.
ومن البقاع التي حل بها الإسلام جمهورية مدغشقر ، وهي جزيرة في المحيط الهندي في جنوب شرق قارة أفريقيا ، ولا يفصلها عن اليابسة الافريقية سوى ٤٠٠كم ، وموقعها الجزري عدل من أحوالها المناخية ، وهي خامس أكبر جزيرة في العالم من حيث المساحة ، وتبلغ مساحتها ٦٠٠ ألف كلم مربع ، ويسكنها مايقارب ١٢ مليون نسمة ، وهي مستعمرة برتغالية وفرنسية سابقة .
عند الحديث عن تاريخ دخول الإسلام في مدغشقر أقوال كثيرة ، ولكن يمكن القول بأن البداية الفعلية لوصول المسلمين والعرب إلى مدغشقر ، كانت في القرن ١٣ الميلادي ،عندما بدأ المسلمون بزيارة تلك المناطق لغرض التبادل التجاري ، وقد اشترك البحارة المسلمون من الخليج العربي ومن حضرموت في الهجرات وفي التجارة ، وعاشوا أولا في مستعمرات محددة شمال غرب وشمال شرق مدغشقر ، كما أقام المسلمون علاقات بين المناطق الصحراوية في العالم العربي ، ومن بينها سيناء وشبه الجزيرة العربية من جهة ، والموانئ الملاجاشية وموانئ جزرالقمر من جهة أخرى ، وقد لعبت جزرالقمر في المساعدة على تلك الهجرات .
زاد ازدهار الدعوة الاسلامية بجزيرة مدغشقر عندما انتشر نفوذ مملكة البوسعيدي العمانية في شرق إفريقيا ، وتزوج السلطان سعيد من ملكة جزيرة مدغشقر ، وبسط نفوذه على الجزيرة ، ومما يؤكد ذلك وجود مدينة في مدغشقر تحمل اسم ( صلالة ) وهي من المناطق العمانية في سلطنة عمان ، كما أسهم سكان جزرالقمر في نشر الإسلام في مدغشقر ، فهاجر اليها العديد من القمريين ، وهكذا انتقلت الدعوة الإسلامية إلى مرحلة من الازدهار والتوسع ، غير أن تشجيع البرتغاليين للبعثات التنصيرية ، وقتالهم لأهل الجزيرة ، وقربهم من مستعمراتها السابقة ( موزمبيق) عرقلا انتشار الدعوة الاسلامية ، وساهما في ضرب سياج من العزلة على هؤلاء المسلمين عن العالم الاسلامي.
حاليا تنتشر المساجد في ربوع ومدن جزيرة مدغشقر ، فيوجد بمدينة أنتاناناريفو ، عاصمة البلاد ، مركز تابع لرابطة العالم الاسلامي بمكة المكرمة ، ويوجد عدد آخر من المساجد في ميناء تاماتاف ، وفي مدينة ماجونجا جالية عربية كبيرة ، وبها ثلاثون مسجدا ، وبها مجلس أعلى للشؤون الاسلامية ، ومن المدن الإسلامية ديجو صياريس ، ومامنتيرانو ، والمسلمون ومدغشقر في حاجة إلى تصحيح العقيدة في نفوسهم ، بعد هذا الانقطاع الطويل عن العالم الاسلامي ، والهيآت الاسلامية حاليا تتمثل في هيئات اسلامية ، جمعيتان منها بالعاصمة ، وهناك جمعيتان في مدينة ماجونجا بال ، وواحدة في ماجونجا .
وبعد ما استقر الاسلام في مدغشقر على ضوء القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة بجهود التجار من العرب والمسلمين ولاسيما مملكة البوسعيدي العمانية التي كانت تحكم شرق افريقيا بكاملها إلا أننا فوجئنا بعد ظهور ماتسمى بالثورة الايرانية على يد الخميني ١٩٧٩م رياحًا عاتية تعصف على القارة الافريقية تحمل راية المجوسية الفارسية التي أزالها الإسلام .
فمن هنا كانت لجزيرة مدغشقر نصيب مأساوي جراء تلك الثورة الفاسدة التي لاتسمن ولاتغني من جوع ، بل تدمر العالم باسره بالإرهاب بشتى أنواعه.
فمن مطامع ايران في مدغشقر لنشر الفساد انها استطاعت أن تجمع في ١٢ من مايو ٢٠١٦م طلابًا من ٣٠ دولة أفريقية في مؤتمر تحت شعار ( الأطروحة المهدوية وواقع أتباع أهل البيت عليهم السلام في أفريقيا ) وهو مايؤكدالاستراتيجية الجديدة لطهران تجاه أفريقيا والتي تعتمد على بناء النفوذ المدني والسياسي قبل تحويل ذلك النفوذ لقوة عسكرية تدور في فلك المصالح الايرانية .
وبالرجوع للمؤتمر وأهدافه، نجد أن الجهات الرسمية الإيرانية تعتبره أكبر مشروع قومي لنشر التشيع والتعريف بمهدي الرافضة ورسالته في ثلاثين دولة أفريقية .
فمن الدور الخبيث الذي لعبته إيران في مدغشقر التركيز بنشاطاتها على مناطق انتشار اهل السنة والجماعة ، مع غياب كامل في المناطق المسيحية والوثنية ، واستطاعت فعلًا ايجاد موضع قدم لها بين بعض النخب المؤثرة .
من جهة أخرى ، تعمل ايران على ربط التشيع المحلي بالسياسة الدولية لإيران وأهدافها القومية ، مما يهدد شرق افريقيا بمزيد من التوتر والحروب الداخلية ، خاصة مع تنامي الصراع الدولي أفريقيا ، وقرب المنطقة من الحوثيين في اليمن .
وأعظم كارثة للإسلام والمسلمين في مدغشقر ما جرى في الأيام الماضية من قيام وفد من شيعة الهند وهي طائفة ( بهورة) بزعيمهم في طائرة خاصة للقيام بزيارة رسمية في مدغشقر تحت استقبال حكومي وجماهيري كبير ، وان دل هذا على شيء انما يدل على أن المطامع الايرانية في القارة الافريقية ومنها مدغشقر تحقيقها على جهات كثيرة- كما ذكرت ذلك سابقا- منها النفوذ السياسي ، وذلك باستخدام الشخصيات المؤثرة بملامحها واموالها لكسب التأييد على الفساد والاجرام .
ولعل إيران لما لها نظرت الى أن عددا كبيرًا من المسلمين في مدغشقر أقاموا صلاة عيد الفطر المبارك في ساحات مدنهم ولاسيما في مدينة ماجونجا ، وتم نقل ذلك على طرق التواصل الاجتماعي هذا الأمر جعل إيران يكثف جهودها لتحقيق مطامعه من إرسال الأموال والبعثات الشيعية الى مدغشقر.
وعلى هذا يجب على المسلمين جميعًا الوقوف صفا واحدًا لمنع انتشار المد الصفوي الايراني الدموي في جمورية مدغشقر التي بلغت فيها نسبة معتنقي المذهب الشيعي الاثناعشرية فيها حوالي ٦ الاف نسمة ، وطائفة ( بهورة ) حوالي ٥ الاف نسمة، وطائفة الإسماعيلية حوالي ٣ الاف نسمة ، وبقية المسلمين سنيون ، وهم لاشك الأكثرية التي يجب أن يتم الاعتناء بهم حتى لا تتسرب إليهم سراب الملالي.
هكذا ينبغي لدول شرق افريقيا اليقظة والانتباه لأنها كانت آمنة مطمئنة، وإيران تريد تدميرها كما دمرت لبنان والعراق وسوريا واليمن .
بقلم الشيخ: نورالدين محمدطويل
إمام وخطيب المركز الثقافي الاسلامي بمدينة درانسي شمال باريس في فرنسا
بقلم الشيخ: نورالدين محمدطويل
إمام وخطيب المركز الثقافي الاسلامي بمدينة درانسي شمال باريس في فرنسا