في صغري كنت أحب بري الأقلام!
أمنيتي أن أجيد كتابة أي شيء بها لكن ثمة أمنيات تفوق القدرات!
كنت أشتري الكثير من أقلام الرصاص لأنها هي النوع الوحيد من الأقلام الذي يشعرني أن شيئا ما يستجيب مع رغباتي فيتقلص حجمه و يقصر طوله و تنمحي ألوانه الخارجية من كثرة ما أمسك به رغم أني لم أستثمره سوى عن طريق بريه بمبراة حديدية لأتاكد في كل مرة أنه أصبح حادا و رفيعا ، و أوهم نفسي أني أستخدمه كما أتمنى!
لكن الحقيقة أن الورق لا يمتلئ إلا بالخربشات الكثيرة لأرسم خطوطا و دوائر حتى يصل الرصاص إلى نهايته ..
كنت أعرف كل حروف الهجاء ، و لكني لم أكن أجيد كتابة ما أريد كتابته!
و كلما قرأت كتابا لم يكن يثير تفكيري سوى كيف للكاتب أن يكتب هذا الكم الهائل من الصفحات !
من أين تأتيه الأفكار و تلك التراكيب الأسلوبية التي تعبر عن كل ما أشعر به في الوقت الذي أعجز عن كتابة سطر واحد عن نفسي!
كل الذي أتذكره أني كنت أشتري الكثير من الدفاتر .. الكثير من الأقلام و كأن شيئا يلح علي بأن قدري هو أن يكون هذا عالمي الحقيقي الذي سأبحر به و معه!
و حتى لا أشعر بالإحباط بدأت مشوار تعلم خط الرقعة
كان سبيلا للإمساك بالقلم و الدفتر في شيء يشعرني أن هناك عملية تفاعل جيدة كي أتمكن من استهلاك مجموعة الأقلام و الدفاتر المتكدسة..
حلمي أن أصبح كاتبة
و أن أُخرج إصدارا لي
و أن أجد كتبي في المكتبات و أيادي الناس
و لكن الحقيقة أن القلم و القرطاس لا يجدي نفعا دون كلمات !
لم يكن مشروعا سهلا!
الرغبة في ازدياد
و القدرة أشبه بالمستحيل!
كدت أن أتخطى الأمر بتنازلي عن هذه الأمنية التي لازمتني من الصف الثالث الابتدائي و حتى نهايات المرحلة الثانوية
و كنت أقول .. إنه قدري!
حتى جاء ذاك اليوم الذي أعاد لي الأمل عندما كتبت تعبيرا من نصف صفحة و توقعت أنه سيتم توبيخي كيف لي أن أصل للمرحلة الثانوية و لا أتمكن حتى من إكمال صفحة واحدة في مادة التعبير !
لكن تعليق المعلمة كان أشبه بقنديل متوهج أنار لي ما انطفأ في نفسي!
كتبتْ جملة استحسنتْ ما كتبتُه مضيفة إليها كلمة (و إلى الأمام )!
بعد زمن أيقنت أن ما يودعه الله في قلبك هو قدرك ..
هو لك !
هو طريقك الذي يجب أن تتمسك به!
مع كل الشغف الذي نملكه نحن لا نحتاج سوى ملهم يقول لنا بعد كل مرة (إلى الأمام)!
و أنا أخبرك من واقع تجربة ..
ألا تتجاهل ما أودعه الله في قلبك!
إنه قدرك!
و إلى الأمام !