ربما هذا المصطلح جديد على مسامع الاداريين ، إلا أنه حاله تمر على العديد من المؤسسات أو المنظمات التي تتمتع بالكيان المؤسسي ، والتي ايضاً لا تتمتع بالكيان المؤسسي . فالمصطلح يظهر وينضج حينما تسود حالة ( الإنهاك ) وهو مايستخدمة علماء الموارد البشرية أو ما يسمونه حالة (السكون) وهي حالة تظهر عندما لا يتم دخول دماء جديدة الى المنظمة بينما يخرج منها دماء قديمة أو راكدة ،أو عندما يكون دخول الدماء الجديدة دون خروج القديمة . أو بقاء المستويات الادارية بشكل عام والمستويات الادارية العليا بشكل خاص لمدة طويلة أو دون خروج نسبي وهي ماتعرف بحالة عدم فاعلية التنمية الادارية .
فهو مايؤدي عاجلاً أم أجلاً وفق عمر المنظمة الى الانهاك بسبب افتقاد المنظمة للطاقة الابداعية والابتكارية التي تمثل القوة الدافعة ليس فقط للتغيير ولكن للتفوق والتميز .
وهذا بحد ذاته يجعل من الصعب احداث تغيير في انماط وعمليات الادارة ،واحداث توازن بين الفاعلية والابداع .
وحينما تبدأ عمليات التغيير والابداع والابتكار تبدأ اساليب المقاومة والتثبيط ، وتكسير المجاديف ، ونشر اللفتات السلبية التي تسري بين افراد المنظمة الواحدة ، خشية التبدل والخروج من التبلد ، والنمطية ،والتقليدية ودائرة التعود . فتظهر علامات الشغب الاداري والفوضى غير المقصودة لطبيعة النفس البشرية ، أو المقصودة لمن فهم اساليب اللعبة الادارية .
وهكذا هم البشر يخشون على انفسهم من الجديد ، يريدون أن يقبعوا على ماوجدوا عليهم اباءهم واجدادهم ، فيحدث الشغب وتظهر اساليب المقاومة ، والانكار . علماً بأن اباءهم واجدادهم قد مر عليهم التغيير وقاوموه حتى تغيروا معه وله .
لقد مررت بحياتي وفق طبيعة عملي (إحداث تغيير ) من اجل التطوير بشتى أنواع الشغب ، والمقاومة التي قد تقصر وقد تطول في المنظمات .
فالتغيير هو القانون الثابت في هذه الحياة ، وأن الله سبحانه وتعالى هو الثابت الوحيد ومادونه متغير . .
( من لايتقدم يتقادم )
التغيير سنة كونية تمر على النفس احياناً وتشتاق لها ، وقد تمر على الفرد في المنظمة ، وهي مهمة لها لأن ماحولها يتغير .
فعلى مر العصور لم تقر ( قرية ) أي بقيت على حالها إلا تشتت وتلاشت وانتهت . لانها رفضت التغيير النمطي لها و التعددية ، فتلاشت
( يا تتغيير يا تتغيير ).
"أولاً : أن التغيير لا يمكن أن يحدث إلا إذا كان من يريده فرد ومنظمة وأمة على اقتناع تام بأنه يعنى صناعة التقدم ، بكل ما فى مصطلحى الصناعة والتقدم من محددات دقيقة . فمصطلح الصناعة يخضع لثلاث ضوابط أساسية هى : التحويل ، والقيمة المضافة، والتماثل أو التنميط .
وهذا التغيير لمن يريده لابد وأن يقوم على هذه الأسس من حيث الإيمان المطلق بأنه لا تغيير ولا تقدم دون تصميم وبناء كل الأنشطة والنظم الادارية على أساس التحويل ، بمعنى تحويل مدخلات إلى مخرجات من خلال عمليات تؤدى إلى زيادة المخرجات .
أما المحدد الثانى وهو القيمة المضافة وليس فائض القيمة ، فالقيمة المضافة تعنى ما أحدثته عملية التحويل من زيادة فى قيمة المخرجات لدينا ، حيث قد تكون هذه الزيادة تحول نوعى ، كما فى حالة كل المنتجات التى تعتمد على حقوق ملكية فكرية أو على أفكار إبداعية ، أو تكنولوجيا متقدمة .
أما فائض القيمة فهو الفرق بين التكاليف والعوائد بسبب عنصر العمل .. فالقيمة المضافة يمكن أن تكون بسبب الإبداع الاجتماعى ( التنظيم والإدارة ) والإبداع الفنى (الابتكار والاختراع) .
وهذا هو أساس التقدم ، وبالتالى لا يُصنع التقدم ولا يحدث التغيير إلا إذا تم على أساس تعظيم القيمة المضافة من خلال نواتج إبداعية .
أما التماثل أو التنميط فهو يعنى بالثبات النسبى لإجراءات كل النظم التى تحكم كل الأنشطة فى المنظمة وبالتالي في المجتمع ، حيث لا يكون هناك أى اختلاف عند تطبيق الإجراءات أو العمليات التى تؤدى للوصول إلى مخرجات معينة باختلاف الأماكن والأزمنة .. ولذلك لا تقدم دون تماثل وثبات نسبى فى إجراءات وعمليات تشغيل النظم فى مختلف الأنشطة.
هذا هو مفهوم مصطلح الصناعة وعلاقته بالتقدم والتغيير ..
أما بالنسبة لمصطلح التقدم الذى هو الناتج المباشر للتغيير ، فلا تقدم ولا تغيير دون تطوير وتحديث .
والتطوير يعنى الأخذ بمداخل ثلاثة ويكون كاملاً عندما يتم الأخذ بهم جميعاً وهم .
المدخل الأول وهو العمل على رفع كل الأنشطة والنظم إلى مستوى متغيرات الزمن الذى نعيش فيه ، وهو ما يعنى بالتحديث . وفى هذا المدخل يكون آخر ما توصل إليه التقدم والعلم والتكنولوجيا ، وما طبقته المجتمعات الأكثر تقدماً فى مختلف المجالات هو مبتغى التطوير وهدفه وهو المعيار الأساسى لقياس ما يحدث من تقدم وتطوير وتحديث وتغيير ... وهذا المدخل هو المدخل الأمثل والأعلى والأسمى فى التغيير والتطوير .
أما المدخل الثانى ، وهو ينظر للتطوير والتغيير على أنه الانتقال من حالة راهنة إلى حالة أخرى أفضل نسبياً خلال فترة زمنية ، دون ارتباط أو قياس بالمتغيرات التى أحدثها الزمن وطبقها الغير .. وهذا هو المدخل الأدنى والأقل فى تناول التغيير .
أما المدخل الثالث ، ويعتمد على إحداث أى إضافة إلى الشىء أو النظام موضوع التطوير بما تؤدى إلى زيادة القيمة الكلية للشىء أو النظام موضوع التطوير .. وهو مدخل جزئى أكثر منه كلى وشامل .
وهنا قد تسأل وكيف يكون التكامل والأخذ بكل هذه المداخل فى وقت واحد ؟
والإجابة هى أنه نظراً لصعوبة عملية التغيير وإحداث التقدم يكون من الضرورى :
• تطبيق التحديث أى الأخذ بأحدث متغيرات الزمن على الأنشطة والمجالات ذات التأثير المضاعف على بقية الأنشطة الأخرى ، أى الأنشطة التى تقطر وتسحب العديد من الأنشطة معها نحو التقدم .
• وكذلك يكون تطبيق مدخل الانتقال من حالة راهنة إلى حالة أفضل على الأنشطة التى تتسم بصعوبة الاستجابة لتحقيق قفزات أوسع نحو الأمام .
• ويكون تطبيق مدخل الإضافة لزيادة القيمة الكلية بمثابة قيمة عامة وقوة دافعة وثقافة إيجابية لدى كل أفراد المجتمع ، من حيث أنه لا عمل ولا نشاط دون أن يكون هادفاً إلى إحداث إضافة تؤدى ليس فقط إلى زيادة القيمة الكلية لناتج هذا العمل ولكن إلى تعظيم هذه القيمة .. هذا هو معنى صناعة التقدم التى تعنى صناعة التغيير .
لذا فالتغيير صحي ،وحتمي لمن اراد البقاء ، والتكيف مع المتغيرات المحيطة ، فمهما حدث من شغب أو مقاومة فلن يكون إلا ماتصبوا اليه من هدف لتحقيقة .
تحياتي
د. عثمان عطا
oatta17@gmail.com