في قريتنا وادي الصدر بزهران، قُطّعت طُرق الأملاك والمزارع من قبل بعض (الاهالي) هداهم الله ، ليس من حاجة لكن خيل لهم الشيطان أنهم قادرون عليها،ولم يعتبروا بمن تركها لهم ولا بما يرونه آت بعدهم، ومن نراه راجح العقل ومن أهل الحل والعقد (كما نراهم)،عليه أن يضحي ويبدا بنفسه أولا ليكون قدوة لغيره، وبهذا لن يستشرى الحسد والتباغض نتيجة لتصرفات هولاء القدوات، وستعم المحبة والوئام وتستمر صلة الرحم وتتوحد الكلمة، وسيرتقي الجميع ويستفيد، وسينال الأجر في الدنيا على فعله المحمود وثواب الآخرة.
إن من يقوم بأعمال تنافي القيم والعادات والتقاليد بل وحتى الدين احيانا سيكون مصيره النبذ لأن ذلك يعتبر شذوذا عن المجموعة والجماعة وغير مقبول، ولن يقوم بذلك عاقل متعلم، أما من يقوم به نتيجة للجهل وقلة التعليم فسنعذرهم لانهم يجهلون وسيجد من يعيده للصواب، النفس البشرية بطبيعتها محملة بالحسد والأحقاد والمكيدة والشر وهذا شيء طبيعي لمن يتخذ إلهه هواه ولا تردعه اخلاقه عن سوء سلوكه وتصرفاته، ولا يكبح جماح تلك النفس إلا الإيمان بالله ثم الإيمان بالجماعة والايمان بالرحيل عاجلا أو آجلا.
لابد من تعليم أبنائنا وتأصيلهم بالعادات الحسنة ومكارم الأخلاق وخلق روح التسامح ونبذ العنف والعصبية والتشدد، لننتج جيلا قادرا على التنوير ومحب للمدنية.
نفخر أن منا من حصل على أعلى الرتب والمراتب والشهادات العليا والأستاذية أيضآً، ومن تسنم المناصب العليا خدمة للوطن الذي يستحق ومتفاخرا بقريته التي أنجبته، هذا هو الفخر الحقيقي لهذه القدرات، وهذا ما يستفيد منه الوطن وتفخر الجماعة به، هذا من يضيف عزا وشموخا لقريته وقبيلته ووطنه، كل منا لا يتردد في تحمل أعباء السفر للعودة لقريته للاستجمام واسترجاع الذكريات الجميلة وصلة رحمة ومقابلة اقرانه ومشاركة جماعته أفراحهم وأتراحهم.
تحويل مسار أحد الطرق المحدثة من الجبل المطل على إحدى قرى الوادي أصابني بالدهشة والذهول، وهذا الطريق يصل سد وادي الصدر بقرية مراوة التراثية ويقدم خدمة جليلة للقرية بالذات والقرى المجاورة كطريق مختصر قصير لمدينة الباحة. فتم تحويله لأماكن شديدة الوعورة والصعوبة، بحجة تعرض القرية للكشف من قبل العابرين والعابرات، وما أصابني الذهول إلا لأن من عارض نزوله من الاماكن المفترضة اعتبرهم قدوة ونموذجا في المدنية والتحضر والعلم، كانت نتيجة هذه التصرفات خيبة أمل وعتب شديد بقي في أنفسنا طي الكتمان. وهناك عتب اشد على كل من لم يسهل الوصول الى الاملاك والمزارع في الجبل الآخر المقابل جبل (فران)لا سيما انهم قدوة في التعليم والدين والعقل والراي، وليتهم اقرباء فقط لكنهم اصدقاء،فاعتب على نفسي قبل ان اعتب عليهم.
أنا أدعي الصفاء والنقاء لكنه مجرد ادّعاء لأنني منهم وهم مني، ولا أخفيكم أنني أحمل في داخلي نوعا من الحسد المحمود (غبطة) وأنا أجول مع صديقي الذي اعتبره اخي الاكبر سعادة السفير/ سعيد حسن الجميع في قرية الحمران التي أصبحت مدينة تضاهي بلجرشي والباحة بعد أن أصبحت الطرق المعبدة والمنظمة فيها تصل لآخر ملك ومزرعة للقرية طولا وعرضاً، فاستفاد منها الكل، وبقدر اعجابي بأهلها الأخيار الطيبين الكثر الذين قاموا بشق الطرق وتعبيدها على نفقتهم الخاصة أيضاً؛ إلا انني كنت أشعر بغصة وامتعاض عندما تذكرت ما جرى ويجري في قريتي.
أعجبت بمهرجانات الأعياد والتراث في كل من: عويرة، والأطاولة، ودخول آل نعمة هذا العام، وبقرية مراوة التراثية ومسرحها الروماني الجميل، وتكاتف أهل البكير وبني ضبيان وبني كبير، ومهرجان سوق السبت ببلجرشي، وبعض القرى الجميلة الأخرى، كما ان خطوة أحياء وترميم قلعة بخروش ابن علاس بقرية قريش الحسن،اثلج صدور اهل المنطقة وانتصار للتاريخ .
لكن خبر زفه لي الصديق الامام الأمين: يحي بن جمعان آل عازب عن ما كلف به من قبل الشيخ سعيد العنقري بعمل ترميم وصيانة لقرية آل موسى القديمة لتصبح من القرى التراثية الكبيرة والجميلة وعلى نفقة الشيخ/ أبو سامي، ومن جيبه الخاص الذي أغدق الكثير على القرية وعلى المنطقة وعلى أفراد معدمين داخل المنطقة وخارجها.
باركت للصديق هذا العبء وهذه الثقة التي يستحقها لنشاطه وحيويته وجهوده المستمرة في اصلاح ذات البين بصفته أحد أعيان المنطقة ولإخلاصه وأمانته.
شكرا لك أبا عبدالعزيز والشكر موصول لكم لأبا سامي الذي ردد قصيدة ابن ثامرة:
قابلتني الجود وأنا طالعٌ من وادي الصدر.
قلت وين تبغين؟ قالت عند دار الموسى.
قلت ليش(ن)؟ قالت أهلي من بني حسن.
وأقول له فعلا أن ابن ثامره غادر إلى رحمة الله، لكن سيظل الجود في وادي الصدر وفي آل موسى وفي المنطقة دام الخيرين أمثالك هنا وهناك، والشكر لكل يد تضيف لبنة وتغرس غرسة في صرح المنطقة الشامخ والمؤصل بالمجد والتراث والتاريخ.
الباحة الجميلة تستحق فعلا ما قدم ويقدم لها وأصبحت بمهرجاناتها مميزة ورائعة فمهرجان العسل ومهرجان رمان بيده الذي أجحف في حقه بتغيير موقعه، ومهرجان الفراشة بالمندق وكثير من المهرجانات والأسواق أذاعت صيتها وأكسبتها سمعتها التي تستحق أن تضرب لها بطون العجلات.