بدايةً كانت أزمة الكورونا صحية، و لسوف تتحول كما كتبنا في مقالات سابقة إلى أزمة اقتصادية. فالتغيير الذي طرأ على العالم ضربه بالصميم.
و اذا تأملنا الكلمة الأخيرة " الصميم" فما هو المحور الذي يقوم عليه الاقتصاد والصحة و النمو والتطور؟ لنفكر قليلاً ما التغيير الذي سببه الكورونا و هوس العالم في ارتداء الأقنعة و القفازات و التعقيم في كل حين حتى أصاب جلدنا التشقق؟
توقف البشر عن مطاردة مشاريعهم واحلامهم كما توقفوا عن الذهاب الى الملاعب الرياضية و الأسواق و الأماكن العامة بل حتى وصل الحال بنا الى قطع صلة الرحم المباشر خوفاً على كبار السن والأطفال من هذه الجائحة؟
كل تلك الأمور يجمعها امر واحد فطري في البشر وأول درس تلقته البشرية في ابونا ادم عليه السلام. فحتى الجنة بدون حواء لم تكن جنة. كون الانسان مخلوق اجتماعي جعله قيمته الحقيقية لا تكون إلا في اختلاطه بالمجتمع سواء بالفكر او بالفعل.
إن ثروة الانسان الحقيقية هي في قبول الاخر له حتى لو كان في زمن اخر غير زمانه. عندما نتساءل كيف يصاب من ملك الثراء والشهرة بالاكتئاب حتى تؤدي بهم الى الانتحار ؟
انها الوحدة كون الانسان وحيد لا يجد من يفهمه ويحتويه ، لهو سم قاتل بطيء المفعول ولا يمكن إيجاد الترياق المناسب الا بالشريك المناسب.
الوحدة الحقيقة ليست بوحدة الجسد بل بوحدة الفكر فهناك مئات من البشر حولنا في كل مكان بل حتى انه وصل الحال الى بعض الشركات والمواقع توفير صديق " مؤجر" لتمضي الوقت معه.
عشرات الحالات من الانتحار في العالم عبر التاريخ ومن شخصيات معروفة أدبية و روائية و فنية وحتى كوميدية تسبب بها الاكتئاب من الوحدة، وحدة العقل، كون الانسان لا يرى في هذا العالم من يفهمه و يستوعب أفكاره.
من المؤلم جدا ان نسمع بحالات طلاق لزيجات طويلة انتجت عائلة و بيت مستقر، فالزواج الناجح وتكوين عائلة اهم من حالات الحب الطارئة ، أو نسمع بقطع صلة رحم بسبب خلافات عائلة قديمة أساسها، أسباب تافهة ، أو صداقات متينة تنتهي بسبب خطأ غير مقصود او غير متعمد.
يقال أن في لحظات الغضب، يعبر الانسان عن حقيقة مشاعره، قد يكون هذا صحيح، ولكن من قال ان تلك الكلمات هي كل مشاعره؟ اليس للقمر جانبين مضيء ومظلم فهل ننسى المضىء في لحظة ظهور المظلم.
في كتاب ألفته ممرضة استرالية عملت في قسم من شارف على الموت وكتبت امانيهم ، معظم الأماني كانت اعادة علاقة اجتماعية قد قطعت عكس ما أوهمنا الإعلام ان اهم مافي الحياة هي المناصب والإنجازات ، بدون بشر هي بلا قيمة
"الكلمات قد تقتل و قد تحيي" لذا احبتي القراء احرصوا على احتواء الاخرين حولك من اهلك ورحمك و اصدقائك .
اضحك معهم و سايرهم و استمتع باحاديثهم الصادقة وحتى الكاذبة.
لنتوقف عن اصدار الاحكام عن الاخرين فلهم رب اعلم بهم منا و لنسامح وننسى الماضي و نتجاوز عن الأخطاء ثم نبذل جهدنا لتستمر الحياة وتبنى اوصار الاتصال بكل طرقها الصحيحة فهذه هي الثورة الحقيقة
1 comment
1 ping
عبدالله محمد الغانم
13/05/2020 at 11:38 م[3] Link to this comment
مرحبا
الأستاذ م. علي الماجد…. أبو حسين
على قوووولة الخواجات
change sometimes is good
والجميل في هالكون إن التغير
وآلإختلاف سنة من سنن هالكوكب الجميل.
يعني الشي اللي ما تقدر تغيرة…. من الأفضلية إن تتعايش معاه إلى أن يتم تغيره لصالحك.
اليوم كرونا أكد و أثبت إمكانية التعايش والتأقلم…..
شكراً لك ولحروفك وكلماتك التي تثير فينا غريزة حب التعايش والتأقلم وتستمر الحياة بديناميكيتها.
…. يا مبدع.