للكتابة سحر ، وهيبة ، وبهجة بطريقة ما .
تلك الفخامة التي تُلْبِس للكّاتب عندما يكتب عن موضوع ما ، حينما يُعالج قضية ما ، حينما ينثر عبير كلماته بِريقِ قَلمة على صفحات الورقة ، وكأنه يداعب خدي الورقة .. بوردة .
يستشعر بتلك البهجة الداخلية فهو يمنح القارئ تعريفاً لآلامه وشكلاً من التضامن الإنساني تجاه العناء اليومي .
حينما ينثر ذلك الأمل بأن غد أجمل.. أنقى .
حينما يضع القارئ على أولى خطوات الإنجاز .
حينما يمنحه عصير كتاباته ، وخلاصة تجاربه ، نجاحاته واخفاقاته .
أرى!! أن تتوقف عن كونك ( متوتراً، مفسبكا ، أو مستجراماً أو مسنباً ) ، صحيح أن لكل تلك البرامج مزاياها ، وعشاقها ، ومتابعيها ، إلا أن للكتابة هيبتها ، حينما تسبح في سطورها ، وتغوص في أعماق مضمونها ، وتلامس مكنون جوهرها ، وتستخرج لؤلؤها من محار كاتبها .
لها فخامتها ...حينما تصل إلى وجهتك ومحطتك الأخيرة في معلومة عميقة ، أو في وصفة لعلاج أو طريقة ، لمنهجية و نموذجة أو لوسيلة .
صحيح أن ( المتوتر، المفسبك ، أو المستجرام أو المسنب ) يحصد على ( لايك ) وأعجاب فوري ، أو تعليق لفظي ، أو (آد ) لحظي ،
إلا أنه ستتفوق عليه فتاة مرحة يمكنها تخطي متابعيه والمهتمين لما يقول.
أو مزحة من اصدقائه تبعد عنه متابعيه .
تعوده على الاختصار ، واقتصاص جزء من الأخبار، فينتقص من مقام العبارة وتصبح قليلة الاعتبار .
تحوله !! تلك الوسائل من مجرد كاتب إلى مجرد حاصد ( اللايكات ) ومتابع لــ (آد ) وزيادة عدد (الفانسات) ، كل ما يهمه اللهاث خلف الأرقام في أسفل المنشور ، أو ( البوست ) ..
حتى كلمة " منشور" أرى أنها تُنقص من شأن الكتابة ، فهي كبسولة مسكنه ، او كحبوب الفيتامينات ، التي لاتسمن ولا تغني من جوع .
حتى تلك الحكم والكتابات والقصص والرؤى والعذابات والقراءات للكبار ، قد تركها جانباً وراح يسابق في حصاد اللايكات .
أنا لست ضد الكتابة المختصرة ، والوسائل الاجتماعية ، ولا انادي بالعزلة الإلكترونية ، أو الإجتماعية والفائدة المعمقة ، وجوهر الحكمة ، ومضمون العبارة ، ومفهوم الكلمة ، .. أنما أخشى على هيبتها .من هذا الاختصار فنمل قراءة الكتاب ، ونسطح الجملة ، ونستبدل فصول المسرحية إلى ( اسكتيش ) أو التجرؤ على هجاء الموهبة ، ونعتِ الكُتّاب بـــ (عمقين ) على سبيل التهكم .
والاكتفاء بالوجبات السريعة التي تسد الجوع ، وتملئ البطن ، وتصيب بالسمنة ، دون صحة أو عافية .
الكتابة لها هيبتها .. فأجمل ما في الكتابة أنك تفكر ثم تكتب ! تكتب ما يعجبك وما لا يعجبك تمسحه.. .إلى أن تصل إلى تكوين جملة مناسبة لك.
تستطيع أن تكتب لمن تحب !! أو عن من تحب !..دون ان يعلم.
تستطيع الحديث مع الورق!
تستطيع أن تحاور قلمك.. أو تشتكي للأسطر بكل مرارة ألمت بك.
تستطيع ان تبوح لأحرف عباراتك.
وتستطيع أن تقسو عليها، أو أن تحن عليها .
وتستطيع أن تغني لها أو معها.. تغني بالفرح ..وتطرب لصوت حروف قلمك. لتشدو بأحلى الالحان.
أكتب ..فالكتابة لها فخامتها ..
اكتب.. فالكتابة تريح قلبك .
تحياتي