إن الله سبحانه وتعالى جعل الإسلام آخر الأديان ، وبعث إلينا رسوله محمدا عليه الصلاة والسلام رحمة للعالمين ، فبلغ رسالة ربه إلى أن لحق بالرفيق الأعلى.
وبقي الدين بثوبه الأبيض يلبسه المؤمنون الصادقون الذين يبلغون رسالة الله من خلال الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن ، لأن ذلك تحقيق لطاعة الله لنيل محبته ورضاه.
فلقد انتشر الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها بجهود الجيل الأول من الصحابة الذين صاحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحضر والسفر والمنشط والمكره ، فضربوا الآفاق بأخلاقهم النبيلة حتى وصل الإسلام إلى الغرب بفتح الأندلس واستقرار الإسلام فيها فكانت بلاد الحضارة الإسلامية العريقة .
إن الوحدة الإسلامية دعى إليها الإسلام لتحقيق التضامن والترابط بين المسلمين ( واعتصموا بحبل الله جميعًا ولاتفرقوا واذكروانعمة الله عليكم إذكنتم أعداءا فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفاحفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون ).
إنطلاقا من هذه الآية الكريمة - وبعد تشتت الدول الإسلامية وعدم قدرتها للنهوض- حرصت المملكة العربية السعودية بالدعوة إلى إقامة حلف إسلامي يجعل الدول الإسلامية تدخل في محيطها وذلك بسعي من الملك الصالح المصلح - رحمه الله- فيصل بن عبد العزيز آل سعود وذلك في عام ١٩٦٥م .
وبقيت المبادرة بين المد والجزر إلى أن تم الإعلان في مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية ١٩٧٠م عن منظمة تحمل اسم ( منظمة المؤتمر الإسلامي )بمشاركة الدولالإسلامية برعاية الملك فيصل بن عبد العزيز - رحمه الله - متخذًا القضية الفلسطينية هي القضية الأولى للمسلمين ، لما تحمله القدس الشريف من مكانة عظيمة في نفوسهم ، فكان من حقهم الدفاع عنها بالنفس والمال .
فبقيت المنظمة هي الجامعة التي تجمع الدول الإسلامية لدراسة قضايا الأمة بدوراتها المنعقدة سنويا .
ونظرًا لمكانة المملكة العربية السعودية من بداية تأسيس المنظمة نجد انها لم تترك جهدًا لدعمها لتبقى في أداء دورها المنشود إلا وتسعى للقيام بذلك ماديًا ومعنويًا ، وهذا ليس بغريب فهي قبلة المسلمين ، ومهبط الوحي ، ومنبع الرسالة ، وستبقى وفية أمام العالم الإسلامي .
واليوم نعيش عهدًا ميمونًا في المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان - حفظهما الله -جعل للسعودية مكانة عظيمة لخدمتها للإسلام والمسلمين يشهد بذلك القريب والبعيد .
لقد فوجئ العالم الإسلامي في هذه الأيام بدعوة إلى عقد مؤتمر للدول الإسلامية بمدينة ( كوالالمبور ) ٢١ من ديسمبر ٢٠١٩م في ماليزيا دون رعاية منظمة التعاون الإسلامي ، والتي هي الجامعة التي تجمعنا ، وهو البيت الذي يحتضننا ، فكيف يتسنى القيام بعمل دولي إسلامي دون النظر إلى وحدة الأمة والدفاع عن كيانها ؟
إن الكثير من الدول الإسلامية أبت المشاركة في المؤتمر نظرًا لعدم وضوح معالمها ، والدعاة إليها ، لأن الذين حرضوا على عقدها يحملون أجندات طائفية وسط إيديولوجيات خاصة .
المسلمون جميعًا يؤمنون بأن تكون الدول الإسلامية على أعلى مستوى في قمة تعاونها وتضامنها ، لأن الأمة تملك موارد إقتصادية وبشرية تعزز من مكانتها الرفيعة .
وليس الأمر كذلك حيث أن الدول المشاركة في المؤتمر لاتعي ماتفعل ، فما تفعله أمر فاقد الإتجاه ، فاقد المعنى ، وفاقد بعد النظر للمصالح العليا للامة ، وفي مقدمتها وحدة الصف الإسلامي .
نحن على يقين من أن دور المملكة العربية السعودية في العالم الإسلامي واضح وضوح الشمس في وسط النهار ، ولن يحجب ضوءها موقف تركيا وحلفائها لعقد مؤتمر لم يشارك فيه سوى رؤساء جمعيات دائماً حربهم على الوسطية والاعتدال في ديننا الحنيف ، وسعيهم رعاية التطرف والإرهاب .
فعدم مشاركة المملكة العربية السعودية جعل الكثير ممن يعترفون بمكانة المملكة ووقوفها مع قضايا الأمة للتعاون ومساندتها يأبون المشاركة لتمزيق وحدة الصف الإسلامي .