ليس غريبا في عالم السياسة حدوث تحولات في المواقف السياسية ورؤية تبدلات في رسم الخطوط بين الثوابت والمصالح. جاء الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الى المملكة في زيارة ودية بعد قطيعة سياسية استمرت لبضعة اعوام. وبعيدا عن تفصيل الاسباب والبواعث لهذه الزيارة التي نتطلع جميعا ان تفتح ابوابا واسعة للتعاون المثمر في ملفات اقتصادية وامنية وسياسية إلا انها كشفت عن قابلية صناع القرار في المملكة على التعاطي بمرونة مع تبدلات السياسات والمواقف الدولية مع الحفاظ على ثوابت السياسة الخارجية السعودية في احترام سيادة الدول وعدم التدخل في الشؤون الداخلية والعمل على مد جسور التواصل والتعاون الايجابي مع الدول الشقيقة والصديقة والحرص على مصالح المملكة. صحيح ان المصالح تتحكم في قرارات الدول ولكن المهم في الزيارة انها جاءت بطلب من الرئيس التركي لاصلاح ما تعطل من افاق واعادة قنوات العمل الدبلوماسي والاقتصادي والاستثماري والامني بين البلدين اللذين يرتبطان بعمق العلاقات التاريخية وروابط الدين والجغرافية... تركيا بلد ذو اهمية جيوسياسية لا يمكن لاحد إنكارها مثلما هي متطورة اقتصاديا وصناعيا والمملكة بموقعها الروحي في العالم الاسلامي وامكاناتها الاقتصادية الهائلة كونها المصدر الرئيس للطاقة وامتلكت رؤية اقتصادية وسياسية واجتماعية رسم ركائزها سيدي سمو ولي العهد الامير محمد بن سلمان رعاه الله تسير بثبات نحو ارساء علاقات دولية تقوم على الاحترام المتبادل وتعميق افق التعاون مع جميع البلدان وفي المقدمة منها تركيا. نحن امام تغير مواقف دولية واعتراف حقيقي بالنهج العقلاني والمتوازن للسياسة السعودية في الحفاظ على الامن والسلم الدوليين. وتغليب منهج الحوار والتفاعل البناء لصياغة امن اقليمي فعال يسهم في التصدي للتطرف والعدوان وتقويض سيادة الدول والوقوف بوجه بعض السياسات المزعزعة للاستقرار في الاقليم..