للمرة الأولى نحضر مبكرين ، لم نعتد على التأخر عن أعمالنا أيضا ؛ولكننا حضرنا هذا اليوم مبكرين جدا ،الجو في الصباح كان مغريا لنحضر هذا الحضور الفاخر ، نحن مجموعة متآلفة نحضر سويا وقد نغيب سويا ، نعمل ونضحك ونتمازح ، في هذا اليوم ذهبنا إلى غرفة بها إفطار العاملين يعمل بها عامل يعمل بصمت ،إذا طلبت منه شيئا رد عليك وإن تركته ظل يعمل ، منظر الوجبات في الصباح ورائحة الطبخ يسيل لها اللعاب ،قلنا لبعضنا هيا ياشباب نفطر قبل الزحمة ، الغرفة التي سنفطر فيها ليست بعيدة عن غرف الموظفين ، بدأنا بأخذ أول لقمة وإذ أصوات صادرة تشبه قراع الخطوب ، انطلقنا مسرعين نحو الصوت ، كان الباب مفتوحا ، وجدنا المكاتب وقد انقلبت رأسا على عقب ، قوائمها إلى أعلى وسطوحها تلتصق بأرضية الغرفة ، كان اثنان من الزملاء في عراك ، قلنا بعبارة دارجة: ياصباح خير ! مابكم من أول اليوم ؟ كانت الأوراق تنتشر في مساحة الغرفة ، وأجهزة المكاتب قد تناثرث وتبعثرت أجزاؤها ، تعوذا من الشيطان ، قالا بصوت واحد لادخل لكم، وكل واحد يحاول إثبات أنه الأقوى ، فاحت رائحة العرق لتغطي روائح الصباح الجميلة ، تزايد عدد الموظفين والاثنان على حالهما ، ازدادت حدة التوتر حتى وصلت إلى نزع الملابس الخارجية ليفيض العرق ويخرج بغزارة ، تركناهما وقمنا بترتيب الطاولات والكراسي وإعادة كل شيء إلى مكانه ، أغلقنا الغرفة من الداخل كي لايسمع الآخرون الركل واللطم ، قلنا : هذان زميلان وسيكونان أفضل لو تفرقت شياطينهما ، انتهينا من الترتيب وإعادة كل شيء إلى مكانه ، قالا بصوت معا من سمح لكم بترتيب الغرفة ؟ أجبرانا على إعادة الفوضى التي أحدثاها بقلب الطاولات ونثر الأوراق ، فعلنا ذلك مكرهين ، أغلقنا عليهما الباب وتركناهما ، ذهبنا إلى غرفة الإفطار كي نكمل إفطارنا ،وجدنا العامل قد رمى البقايا للقطط القريبة منه ، قلنا في بطون القطط أفضل من أي شيء آخر ، طلبنا وجبة جديدة ،اختفى الصوت ، عدنا إلى غرفة الصراع وجدنا الاثنين يفطران سويا وكأن شيئا لم يكن ، كانت مكاتبنا نظيفة ومرتبة ، حمدنا الله أن الشيطان غادر غرفة عملنا ، تركنا الباب مفتوحا كي يرانا الجميع ،فتح زميلا العمل النافذة القريبة منهما ليتنفسا معا هواء واحدا .