لكل أمة في ماضيها حوادث بارزة ، ومواقف مشرفة ، وعلى هذا أصبحت حادثة الهجرة النبوية من الحوادث الإنسانية التي تعطي ميزة لمدى صبر صاحب الرسالة عليه الصلاة والسلام من تحمل الأذى عند قومه.
فهو لم يأت إلامبينا على أنه جاء رحمة للعالمين ، وذلك لتقرير وتثبيت دعائم السلام ، ليتحرك العباد إلى عبادة رب الأنام .
فكان هذا منطلق دعوته سرا وجهرا، يحمل الأمانة بصدق وإيمان من أن الله ناصره ومؤيده.
فعند دخول الناس في دين الله ، فماكانت من قريش التي تعارض الإسلام إلا وأن تبذل بمالديها من قوة مادية ومعنوية لصد الناس عن دين الله ، ولكن الله الذي أيد رسوله بالنصر ألقى محبته في قلوب المؤمنين كالسابقين إلى الإسلام أمثال أبي بكر الصديق ،من الرجال ، ومن الصبيان علي بن أبي طالب ، ومن النسآء خديجة ، ومن الموالي زيد ابن حارثة ، ومن الأرقاء بلال الحبشي رضي الله عنهم جميعا.
ليعلم الكل أن بداية الإسلام شارك فيها جميع أصناف المجتمع كبيرهم وصغيرهم ونساءهم ومواليهم وعبيدهم.
وتاتي الهجرة النبوية الشريفة ، وهي الإنتقال من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة بحمل رسالة الإسلام إليها بعد مانفدت انواع الصبر من صاحب الرسالة أمام معارضيه ،فوصل إليهم الأمر إلى إرادة تصفية جسده الشريف عليه الصلاة والسلام.
رحلة إيمانية صادقة مخلصة من واثق بوعد الله ونصره ، فيختار صاحبه أبابكر الصديق رضي الله عنه ليكون رفيقا له في طريقه ، وابن عمه علي ابن ابي طالب رضي الله عنه لينام على فراشه ليلة الهجرة ليؤدي الآمانات التي كانت مع النبي عليه الصلاة والسلام إلى أصحابه .
عناية ربانية تتجلى فيهما عند دخولهما في غار ثور، وقريش عند باب الغار ، فأعمى الله أبصارهم ، لينجو من بعثه رحمة للعالمين من كيدهم ومكرهم.
فاستبشرت المدينة برسول الله ، وأشرقت بنور رسول الله فاتحة قلبها بانصارها لنصرة رسول الله مع المهاجرين .
إذالم تطب في طيبةعند طيب
به طابت الدنيا فأين تطيب.
بطيبة حط الصالحون رحالهم
وأصبحت عن تلك الأماكن أحجب
هاهي الهجرة التي تركت للسيرة النبوية صفحة من أعظم صفحاتها في تصوير شخصية من جاء ليخرج الناس من الظلمات إلى النور .
وحقًّا لفاروق عمر ابن الخطاب رضي الله عنه أن يجعل مبدأالتاريخ الإسلامي من هذا اليوم العظيم ، اليوم الذي أعزالله به الإسلام ، وقويت شوكته ، واعتصم المهاجرون والأنصار بالعروة الوثقى لاإنفصام لها ..
إمام وخطيب المركز الثقافي الإسلامي بدرانسي شمال باريس