لم تعد المرأة نصف المجتمع فحسب، بل أكثر من ذلك بكثير، فقد باتت الشغل الشاغل للمجتمع السعودي، أوكأنها قضيته الأساس ومن ثم أصبحت حياتها محور حديث المجالس، ومحط اهتمام الرجال قبل النساء أنفسهن ؛فمن قيادة السيارة التي يتخذ منها دُعاة التغريب ذريعة للنيل من بلادنا مروراً بالخلاف في كشف وجهها، ولون عباءتـها، وحكم صوتـها وزواجها من غير المُكافِيءِ لـها في النسب، إلى زواج القاصرات، وغيرها من الزيجات تحت مسميات(المسيار) و(المسفار) وغيرها من المسميات؛ علاوة على التسلط الذكوري عليها الذي قد يصل في بعض الحالات إلى طلاقها ، ناهيك عن العنوسة التي أفرزتها عادات وتقاليد مشوهة وطمع مادي في حال كونها موظفة فضلاً عن اختلاف النظرة الثقافية إليها، فبعض قاصري النظر، يرون أنها أقل قدراً من الرجل، فلا يذكرون حتى اسمها الصريح فـي المجالس، ولابد لـها من قَيِّمٍ، يراقب تصرفاتـها، ويُقوِّم سلوكها، لظنهم أنـها (قنبلة فساد موقوتة)، ومشروع فتنة يجب وأْده في مهده، دون اعتبار لإنسانيتها ومكانتها الاجتماعية التي كفلها لـها الإسلام، وضمنتها لـها الأنظمة والقوانين.
كما أن بعضهم لايعجبه ستر المرأة وتناسى أن في ذلك إكراماً لها وحفظاً لكرامتها وإنسانيتها ، في الوقت نفسه فإن المطالبة بستر المرأة يثير حفيظة بعض النساء ويرين أنهن مستورات بشرع الله، وأن هذه التصورات نجمت عن محاصرة المرأة، وإحصاء أنفاسها ولفتاتـها، ووضعها تحت مجهر اجتماعي؟! فالإشارة إليها تولِّد حساسية لدى بعضهم، وتناول قضاياها في قنوات الإعلام، يصيب بعضهم بحالة تشنج فكري، وتعرّق سلوكي، وارتعاش أخلاقي، ويزيد من سرعة نبضات ثقافة العيب والحرام لديه بشكل غير مُبرر.
وأنا هنا لا أعني أن نترك الحبل على الغارب لتتصرف المرأة كيفما تشاء وفي الوقت الذي تريد ؛ ولكنني أدعو أن تكون نظرتنا إلى المرأة أنها قادرة على أن تؤدي دورها الأسري والاجتماعي وفق ضوابط الشريعة الإسلامية والعادات والتقاليد العربية الأصيلة وأن ننصرف إلى مناقشة قضايا أخرى هي أولى وأهم .
كما أن تناول قضايا المرأة بهذا الشكل، إنما هو نوع من الهوس، لا يدع مجالاً لتشكيل صيغة حلول متوازنة، بل يُشجع أطراف النقاش على الانفعال والتطرف في الآراء، ويربك أفراد المجتمع، ويؤخر مناقشة قضايا تنموية وفكرية تخص المرأة والرجل على حد سواء...
ومع هذا وذاك صدرت الأوامر العليا مؤخراً بإعطاء المرأة السعودية مجالاتٍ أوسع لممارسة أعمال كانت حكراً على الرجال كقيادة السيارة ودخول الملاعب الرياضية وممارسة الفتيات بعض الفنون الرياضية كل ذلك وفق الضوابط الشرعية والآداب العامة التي تسود مجتمعناوتنسجم مع رؤية المملكة 2030 إلى جانب حصولها على الشهادات العلمية العليا من الداخل والخارج شأنها في ذلك شأن الرجل حتى أن بعضهن وصلن إلى مراتب وظيفية كبيرة في قطاعات حكومية وأهلية وبهذا تكون المرأة السعودية أخذت حقها وأصبح لها دورها الاجتماعي والمساهمة في مجالات تعليمية وطبية وتنموية متعددة .
ولو حصلت بعض التجاوزات الخاطئة من بعضهنَّ فلاتعدو كونها فردية ولايصح تعميمها على الجميع ؛ والشيء الظاهر الآن أنه من المتوقع أن تخفَّ حدة التشدد غير المُبرَّر من بعض الناس حيال انخراط النساء في المجتمع كشريكات للرجال في كثير من جوانب الحياة في ضوء الكتاب والسنة والعادات القويمة.
عطية جابر الثقفي.