كلنا يعرف قول الله تعالى: «وبالوالدين إحسانا»، وكلنا يحفظ من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة ما يحثنا على إكرام الوالدين في حياتهما، بل وبعد مماتهما، وما يحذرنا من عقوقهما، ففي ذلك الخير كله لنا، في الدنيا وفي الآخرة.
وكلنا يتكلم باهتمام الإسلام بالوالدين، في المساجد، في الفضائيات، في الإذاعات، على صفحات الصحف، بل في مقررات الدراسة.
لكن.. شتان بين ما وصفه الإسلام في هذا المجال وما أوجبه علينا، وما نعيشه من واقع أليم، تمثل في هجر الأبناء للوالدين، ناهيك عن عدم برهما، وعقوقهما، بل وإيذائهما إلا من رحم ربي، وكثيرا ما نقرأ ونسمع عن قصص نستنكرها ونشجبها وندينها.
ولكن لاننكر بأن امة محمد صلى الله عليه وسلم بخير، ولاذال هناك من نسمع عنهم ونشاهدهم وهذا مما يجعلني أشيد بهم وأقبل ايديهم لخدمة والديهم وهم كبار ومرضى واقول لهم الآن وقت البّر بهما.
إذاً الوالدان، هما سبب وجودك في هذه الحياة، وبدونهما أنت لا وجود لك في هذه الحياة، هما خير من أحسن إليك بعد الله سبحانه وتعالى، راحتهما في راحتك، وإن جاءت على حساب تعبهما وعافيتهما،كلها في سبيل صحتك وشفائك، وإن جاءت صحتك على حساب مرضهما وسقمهما، كم مرة يقولون عند مرضك: إذا سلم الله ولدي فلانا، أو ابنتي فلانة، فأنا بخير وعافية، وإن كان المرض يحيط بهما أو بأحدهما من كل حدب وصوب.
والله أن الوالدين نعمة عظيمة علينا، ونورهما يضيئ طريقنا، ثق تماماً فلن يحبك أحد مثل والديك ولن يجوع أحد أو يجوِع نفسه لتشبع غير والديك، ولن يمرض أحد من أجلك غير والديك ولن يبكي أحد لك غير والديك،وسعادتهما عندما تضحك ولن يتعب أحد لك أو يشقى لتستريح وتنعم غير والديك.
والحمدلله لم يزل الكثير متمسكين بهذه المحبة الغالية، ومنها بر الوالدين، قرن برهما والإحسان إليهما بعبادته وتوحيده، كما قال تعالى : { وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا } لذا أقر لهما حقوقاً لابد أن يقوم بها الأبناء ومن كان كذلك كان أحسن الناس وأكملهم وأحقهم بمحبة الله والناس أجمعين، الوالدان أحق الناس بالمعاملة الحسنة :جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحبتي ؟ قال ” أمك ” قال ثم من ؟ قال” أمك ” قال : ثم من ؟ قال ” أمك ” قال : ثم من ؟ قال ” أبوك، وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة أرباع البر والطاعة للأم ، والربع للأب ، وكان الإمام الحسن رضي الله عنه يقول : ثلثا البر والطاعة للأم ، والثالث للأب سبحانك ربي على هذه المكرمة لنا.
وأخيراً أيها الأبناء ارفقوا بآبائكم وأمهاتكم فأحسنوا الصحبة ولينوا في المعاملة واخفضوا لهما جناح الذل من الرحمة قال تعالى ( واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب احمهما كما ربياني صغيرا )ورسالة مني وبكل لطف إلى الآباء والأمهات، أرفقوا بأبنائكم وبناتكم فربكم يعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف وإذا أراد الله بأهل بيت خيرا ادخل عليهم الرفق فترفقوا بهم يرفق بكم وهذه الدنيا سلف ودين وكما تدين تدان، أحبتي فمن والديهما موجودا فليحسن صحبتهَما قبل فوات الآوان، والان في كبرهما وضعفهم هذا وقت البّر بهما، نعم والله اعرف ناس مقربين لايفارقون والدتهم ليلاً ونهاراً وهذا واجبهم ولكنهم يضربون المثل لكلامي بأن الان هو وقت البر بهما وهناك شواهد كثيرة ولله الحمد تسر الخاطر، ودعائي للأبناء والبنات بالتوفيق والرحمة والرفق بوالديهما،
وهنا لايفوتني مذكراً
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله تعالى عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: إِذَا مَاتَ ابنُ آدم انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أو عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ
فإن الولد الصالح الوارد في الحديث يشمل الولد المباشر, وأولاد الأولاد, وأحفادهم،كما يشمل الأنثى, وأحفادها، جاء في شرح رياض الصالحين للشيخ ابن عثيمين: ولد صالح يدعو له: ولد يشمل ذكر وأنثى، يعني ابن أو بنت، يشمل ابنك لصلبك، وابنتك لصلبك، وأبناء أبنائك، وأبناء بناتك، وبنات أبنائك، وبنات بناتك،فلاتنسوهم أبداً جميعاً عند وفاتهما.
*همسة*
أطــع الأله كـما أمـــر
و امـلأ فـؤادكـ بـالحـذر
الــدين حـق واجـــب
نــور الـبـصيـرة و الـبصر
حـافـظ علــيه فــأنـه
نـعـم الــسـعـادة تـدخر
وأطـع أبــاكــ فـأنـــه
ربـــاكـ مـن عهـد الـصـغر
واخضـع لأمك أرضها
فعــقـوقـها إحـدى الـكبر
حملتك تسعة أشهر
بيــن التـألـم والضـجــر
فـأطـعـهمـا وقرهمـا
كـيـلا تـعـذب فـي سقر