الجزء الأول
عندما يموت أحدهم تاركا وراءه كنزاً من المال والعقارات، وقد كان هناك حوله الفقير وصاحب الحاجة والمبتلى في ماله من الأقرباء والأرحام وغيرهم، فيموت وهو لم يعن هذا ولم ينظر في حاجة ذاك، ولم يستألف قلوب أهله وأقربائه بقليل أو كثير من المال، وقد أعطى قبل موته تصورا للناس أنه صاحب حاجة مثلهم.
فعندما يموت وتنكشف الأحوال والممتلكات والأموال العظيمة بما ورّثه لمن وراءه، تحصل عند الناس وخاصة أصحاب الحاجة من أرحامه وأقربائه غصّة مؤلمة، ويأخذون في التساؤل، أمَا كان أجدر بهذا الميت أن أعطى شيئا من تلك العقارات لأصحاب الحاجة فيهم قبل أن يموت، وقبل أن يتكالب الورثة على ماله ويتنافسوه فيما بينهم ويتقاسموه وقد رزقهم الله رزقا حسنا يغنيهم عما ورثوه؟
صورة كهذه من الصور التي نراها يومياً عند من نراهم يموتون من هذا الصنف تحقق ضررا كبيرا في أخلاق المجتمع وعلاقات الناس ببعضهم وتصنع عرفا خبيثا يتوارثه الناس، عرفا قد صنعه هذا الميت بسوء فعله، وقد يصبح سنة سيئة يتحمل وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة.
لقد باتت أفعال كهذه في يومنا هذا أعرافا غير منكرة، لاعتياد الناس عليها واتباعهم أنفسهم منهجها، وباتت تُذَيّل بأقوال وأمثال تتناسب معها كقول: من حكم في ماله ما ظلم، أو إننا غير مسؤولين عن أصحاب الحاجة، بل ويشيدون بما ترك هذا الميت خلفه من أموال وأملاك لورثته.
الباعث لمواقف وأقوال كهذه تدل دلالة واضحة على عدة أمور، أولها أن أصحاب الأموال الكثيرة يظن ويتعامل مع المال وكأنه هو الذي صنعه لنفسه بجده واجتهاده، وهو صاحب الحق الوحيد لهذا المال على مفهوم الآية الكريمة، "إنما أوتيته على علم من عندي"، ويتجاوز بتفكيره حقيقة أن الذي رزقه هذه الأموال هو الله، ولم يكن هو أو غيره في الحقيقة إلا سببا لحصول الرزق.
إن قناعة الإنسان بأنه هو الصانع لهذه الأموال والصانع لمقادير الأحوال وليس الله، تجعل الإنسان يظن أنه إن أنفق شيئا من أمواله فقد بذل جزءا من عظمة أفعاله ومثابرته واقتطع شيئا من حياته، فإذا تصرف بهذه الأموال بصدقة أو زكاة فقد أضاع جزءا من عمره.
إن الشعور بمرض النهم لتكثير الأموال وتجميعها أصبح ديدن الناس ومقياسا للنجاح عندهم، النهم الذي يجعل الإنسان يتغافل فيه أن في هذا المال حق للسائل والمحروم، ويتغافل فيه أن هذا الرزق إنما هو من عند الله.
أما الذي يهمنا هو أثر هذه الأفعال وهذه المواقف على المجتمع وعلى أعراف المجتمع التي تتحول مع الوقت إلى أعراف خبيثة تسودها الأنانية ويسودها تعظيم الذات وتُقتل فيها المروءة.
د. محمد سعيد آل تركي
- 01/05/2024 كرسي أرامكو للسلامة المرورية يطلق دورة تدقيق سلامة الطرق بجامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل
- 30/04/2024 الوزير الفضلي يشهد توقيع (10) اتفاقيات لتطوير استخدامات المياه المجدّدة ودعم الحلول التقنية والابتكار واستدامة الإنتاج الزراعي بالمملكة
- 28/04/2024 وزارة الرياضة تشارك في واحة الإعلام بالتزامن مع استضافة المملكة لأعمال الاجتماع الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي
- 24/04/2024 توقعات ان يصل سوق الولاء في المملكة الى أكثر من 1.6 مليار دولار خلال اربع سنوات
- 24/04/2024 140.7 مليون دولار أمريكي إجمالي التكاليف الاستثمارية لشركات الهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي في المملكة المغربية
- 23/04/2024 نادي محايل الرياضي وبلدية المحافظة يوقعان عقد شراكة
- 23/04/2024 بتنافس أكثر من 270 مشاركًا.. وزارة النقل والخدمات اللوجستية تقيم الحفل الختامي لجائزة الإبداع في نسختها الثانية.. والجاسر يكرم الفائزين
- 21/04/2024 ” الإحصاء” تطلق المسح الزراعي الشامل
- 21/04/2024 مسعود رد الجميل … عرفانًا بحقوق كبار السن بتوجيهات الرئيس وتخصيص مبلغ 100 مليون جنيه من صندوق “تحيا مصر” لدعم صندوق كبار السن
- 21/04/2024 “العسومي” يستنكر مواقف العار المخزية للحكومات الغربية تجاه جرائم الاحتلال في فلسطين ويطالب بإصلاح مواثيق عمل المنظمات الدولية*
د. محمد سعيد آل تركي
صناعة المروءة
Permanent link to this article: https://aan-news.com/articles/288437.html/