أتعتقد أنك كلما كبرت نسيت!!
لا والله إنما يترسخ الماضي والذكريات، أنثر عليها محفزًا فقط؛ رشّة من قنينة عطر؛ زاوية في مكان، ثم افتح قلبك لاستقبال فيض المشاعر.
كيمياء العاطفة ضمن غريزتنا البشرية، تفاعلات بين مثيرات لنكز أنشطتنا العصبية، ذات التفاعلات تكررت؛ ذات التفاعلات أحزنتنا وأسعدتنا.
رموز ودلالات، أصوات وصور تعيدك ألف مرة إلى ذات الموقف.. كل مسمار ثبتّه على حائط الذكريات لا يفتأ ضربًا في لوزة دماغك ليعيدك في نفس اللحظة منذ عشرات السنين.
هل تذكر ارتفاع الأشجار، وحمرة الأرض التي اختلطت بما لذ وطاب من خيرات الله في بلاد سمرقند التي زرتها منذ سنوات حين سمعت صوت البلبل الشادي بجوار نافذة المنزل؟
هل تبتسمين سرًا حين تشدو موسيقى الفالس أثناء جلوسك في دكان القهوة لأنك رقصتِ على أنغامها ذات رحلة إلى باريس؟
هل دمعت عيناك فجأة عند سماع أحدهم يصرخ فجأة لتعود بجميعك إلى لحظة فقط لم تكن تنتظرها؟
ترفض أن ترتقي اللعبة في مدينة الملاهي لأن شعورك حين ارتطمت بالأرض لما قذفك والدك عاليًا، تأكدت ذاكرة الشعور بأنك ستقع رغم أنك لم تجرب إحساس المتعة في التحليق عاليًا.
كم من صوتٍ ورائحة ثبتت في وقت ما من الأوقات تركت جزءًا من روحك معلّق بها، انفعالك العاطفي هو من تعلّق في الحقيقة.. ذاكرة القلب التي تنتقل معها.
حتى أننا نعبّر عن مواقفنا الحالية بنفس الطريقة، "هل تعلم كيف جعلتني أشعر" "شعوري نحو ذاك الغائب" "أشعر وكأني كنت هنا" " أحسست بروحي تنتزع"، وهلمّ جرّا.
الإيجابية تؤطر القائمة؛ نضجك العاطفي مستعينًا بذاكرتك العاطفية، وسيلة تأهب وحذر فيما لو تكرر الموقف عليك حفاظًا على بقائك في هذا الوجود.
تذكر حين تنتزع مسمارًا عن الحائط، قد تزيل اللوحة؛ لكن لن يختفي الأثر.