في خضم معترك الحياة تحصل النقاشات وتبادل الأخبار إما وجهاً لوجه أو عن طريق الهاتف أو من خلال أدوات التواصل الاجتماعي ، ومع اختلاف توجهات وطباع الجميع فإنَّ الذي يروي حادثة ما عن أحد المعارف أو ينقل عنه كلاماً قاله في مجلس آخر فيزيد أو ينقص مما قاله الغائب الذي يتحدث عنه ذلك الحاضر ، والمشكلة ليست فيما قيل إنما في المستمعين للمتحدث يقوم كلَّ فرد منهم بتحليل الحدث أو الكلام حسب هواه دون أن يعلم بواطن الأمور التي جعلت ذلك الشخص يقول الكلام المنقول ، وهنا تبدأ الأحكام بالصدور فمنهم من يتهمه ومنهم من يعذره ومنهم ينصب العداء لذلك القائل ومنهم من يصرح أمام الجميع فيحكم عليه بشتى الأحكام ، وهذا يحصل مع الجميع يومياً .
وقد يتطور النقاش في هذه الأجواء المشحونة بين المتحدثين حتى يصف صاحب الكلام بصفات لا تليق وقد يكون بريء فيسمع الحاضرين تلك الصفات وترسخ في أذهانهم بأنَّ فلان أو فلانة صفاتها كذا وكذا ، بسبب حكم مسبق وبمساعدة ودعم من إبليس لأنه قد يكون المتحدثان إخوة أو زوجة وزوجها أو صديقين فمتى لم يسيطر العاقل منهم على طريقة النقاش يفتح طريقاً لإبليس اللعين ليرفع وتيرة النقاش .
لذلك على الإنسان أن يكون واعياً أمام من تملّكه طبع الحكم المسبق ويراعي بأنه شخص متسرع ( وهذا طبعه ) .
وأما النصيحة لمن لديه هذه الطباع (الحكم المسبق ) على الآخرين ، أن يدرب نفسه على التأني وتقصي الحقيقة ثمَّ إن لم يجد ما ُيقنع به نفسه فيبحث عن عذر أو أعذار وذلك لكي يسلم من آثام يحملها لنفسه دون داعي ودون دليل ، فكم من بيوت تحطمت بسبب نقل الكلام وكم أصدقاء عاشوا عشرات السنين بصفاء وود ومحبة ثم حدث نقل كلام وتقطعت تلك الروابط الإنسانية بسبب الحكم المسبق ، القصص لا تنتهي في هذا المجال وكلنا عاش أو لمس مشكلة سببها (الحكم المسبق ) .