يقطعون المفازات والفيافي، ويمخرون عباب البحار العاتية ، لا توقفهم المحطات الزمنية ولا الاماكن النائية تراهم يخاطرون بحياتهم ويحطون رحالهم بعيدا عن الوطن وبين مجاهل العالم ..
هؤلاء ليسوا جزء من فريق ناشيونال جيوغرافيك او مشهد من فيلم يحكي مغامرة ، انما مشهد من انسانيتنا السعودية ، وصورة من ابطال حقيقيون يسافرون من اجل الانسان ذاك الفقير فى ادغال الغابات المتشابكة او بين وديان الجبال العاتية .
انها صورة من عطاء اطباء سعوديون تفانوا في حب الوطن ، فأخذتهم المسافات الى عمق كل أزمة يمدون أجسادهم بالأشرعة أمام كل الصعاب ، قلوبٌهم تنبض بالرحمة والرفق واللين.فيحيطون المرضى بحناياهم وابتساماتهم.
من وقتهم وبجهدهم يبذلون النفيس من اجل المحتاجين ، لا يترددون فى علاج المرضى العاجزين عن دفع تكاليف العمليات الجراحية ، فتراهم يعملون لساعات طويلة ومتواصلة رغم مايحيط بهم من عقبات وقلة في الامكانيات وذلك من اجل إنقاذ حياة الآخرين ..
طالما يحضرني وجه ذاك الرجل السبيعني والذي كان يعاني من تضخم فى البروستات وهو يتحدث بحرقة عن تحمله لآلامه لعام كامل بعد ان فشل العام الماضي فى اللحاق بالقافلة الطبية ( لم يحالفني الحظ عندما جئتم العام الماضي وها انا انتظر قدومكم عام كاملا) ! ..
اي فقر والم هذا الذي يجعلك تنتظر كل هذه الزمن واي انسانية تلك التي تحملك لان تكابد كل مشقات السفر والبعد ، انها انسانية بين جوانح ابناء من هذا الوطن ، اطباء يحملون اعلى المراتب العلمية لكنهم لا يبخلون ، يسافرون من اجل الانسان المحتاج ، ليزرعوا الابتسامات والصحة ..
( جاءوا اطباء من السعودية ) ما اجملها من كلمات تطرق أذنك من مرضي فقراء بالكاد يتكلمون العربية وبالكاد تحملهم اجسامهم بانتظار قافلتك الطبية الانسانية ..
ما اجمله من اسم لوطن تراه يتردد هنا وهناك واينما حللت ، ذاك الذي يمطرك بالثناء لانه تلقى تعليمه فى وطنك أو تم يوما اغاثته او علاجه ..
بصمة هنا وبصمة هناك والف قوة ناعمة تسيح فى ارض الله ، تنتظر ان تلتئم فى منصةٌ واحده وبتكامل مترابط لننقل للعالم رسالتنا المميزة وانسانيتنا العميقة.
فما اجمل ان نسمع اسم هذا الوطن الجميل يتردد بين تلك الادغال والمفازات وبين شفاة فرحة طالما اتعبتها الامراض والحاجة .