التلذذ بالعطاء، وقضاء حوائج الناس لا يعرفه سوى العظماء، الفوارس وأصحاب الأخلاق الفاضلة والنفوس الكريمة ، وليس العطاء دائماً بالمنح ، بل أحياناً يكون العطاء بالمنع ، فكتمان الغضب على من استفزك ، وعدم التعدي ، وعدم التمنن على من أساء التصرف ، وسِتر أسرار الناس ، وكف اللسان عن أعراضهم وعدم التدخل في حريتهم الشخصية ،هو من أنبل أنواع العطاء ، وأحياناً يكون العطاء كلمة مواساة على جرح غائر في نفس مريض شارف على مفارقة الحياة أو كلمة تكون بلسماً شافياً لآلام جاءته من تقلبات القدر فأحزنته ، ، وقد يكون لمسة حنان بصدق نيّة على رأس حبيب أو حبيبة أو يتيم وقد يكون العطاء مشاركة من أخذ الموت منه أعز أحبابه بمشاركته أحزانه وذرف الدمع معه . ليتنا ننظر نظرة تأمل داخل نفوسنا وذواتنا نظرة نقد لكي نرى هل هي مريضة بداء (الأنا ) أم عافها الله تعالى من هذا المرض الخبيث ، وبدل أن نرى عيوب الآخرين ننظر في عيوبنا فقد تكون أخطر وأكبر من عيوب الآخرين وقد حثَّنا القرآن الكريم على ذلك بقول الله تعالى : ( وفي أنفسكم أفلا تبصرون ) ولو أن لآيات القرآن الكريم إشارات لوضعنا إشارة استفهام بنهايتها وهو ليس سؤال من الله تعالى للناس بل هو تقريع وحث وأمر لكي ننظر في نفوسنا ولا نبحث في نفوس الآخرين .
العطاء له صنوف عديدة كلها تصُبّ في خانة الكرم كرم النفس الإنسانية .
بقلم 🖋️ البتول جمال التركي