لا اتفق مع القول بأن المرأة نصف المجتمع، إذ أني أتفق مع من يزيد تلك النسبة؛ لأنها الركيزة والأساس، وهي الولادة للمجتمع نسائه ورجاله، هي أول كلمة تخرج من أفواهنا (ماما)، وهي المحيط والملاذ الآمن ليس في الصغر بل وحتى عند الهرم، فأي نصف تقولون؟؟؟!!!
هي الولادة، هي الدادة، هي الطبيبة هي الممرضة، هي المرضعة، وهي من تسهر وتتعب ليرتاح من في البيت. دور (بل ادوار) لا يمكن تجاهلها أو اختزالها أو حتى التقليل من أهميتها، وكل مجتمع لا يقدر دور المرأة جدير بألا يحترم، وكل فكر سلخ المرأة من رسالتها وأداء مهمتها مصيره التشوه والانحلال والسقوط؛ فبها تقوم القيم، وترسم المبادئ، ولها تسن القوانين، ومن يدّعي مساواة المرأة بالرجل هو من يسلبها أهميتها وحريتها ودورها الارتكازي في المجتمع.
إن الجندرة ونظريتها وقوانينها (لا ارفضها بالكلية ولا أقبلها بالكلية)، وهي جزء من النظام العالمي الجديد، لكن أرى من الظلم أن يعتبر المرأة عنصرا مجردا من الأنوثة، ويكتفى بإنسانيته بصفته عنصر بشري مثله مثل الرجل أو الجنس الثالث(بين الأنوثة والذكورة)، والجندرة تعني نوع الجنس (الهوية الجندرية) سواء ذكرا أو أنثى أو غير ذلك حسب الجنس البيولوجي للأعضاء ، وهدفها المساواة بغض النظر عن النوع والجسد وتكوينه ومهامه، وتعطي حرية العمل والأداء والقضاء على الفوارق بين أنواع البشر مهما كانت وإزالة تلك المعوقات سواء كانت نابعة من العادات او التقاليد أو الدين أو الأعراف أو العرقيات.
لا اقبل أن تسحب الأمومة من الأم!!!! ومن هي الأنثى التي لا تحلم بالأمومة وتقبل التخلي عن أنوثتها (ولا حكم على الشواذ فتلك حريتهم)، وكذلك دورها المهم في الأسرة ودورها في التربية وبناء بيت الأسرة، الرجل لا يريد التساوي مع المرأة معترفا بدورها وبفضلها فهي الأقوم والأجدر والأكفأ.
العلاقة مقبولة تكاملية فلا غنى للرجل عن المرأة والمرأة لا تستغني عن الرجل حتى وإن تساوت المادة والحقوق بينهم، لكن دور المرأة أكبر وأهم واي منصف وواقعي ولم تترسخ في عقله الصدئ موروثات من عادات وتقاليد ليس لها أساس من العقلانية والصحة.
سيقول قائل إن الأديان والدين قد فضّل الرجل ومنحه القوامة على الأنثى ، وهذا صحيح لا ننكره والنساء تقدره ولكن في اطار محدود من ناحية الاعمال وحسب البنية والتكوين الجسدي ،وما خلقه الله علية ووهبه اياه ووهب للانثى غيره عوضا عنه وأجل وقد تكون أعظم ، وقد يستشهد بآية كريمة أو بحديث شريف وصحيح، لكن ليس المراد قطعا كما يفهمه أو يفسره هو ويتم استغلاله بالمطلق في جميع الامور، فلربما انه كان بسبب حدث ما أو حالة خاصة (مع ايماني انه لا حالة خاصةً في القران لا تاخذ طابع العموم على مدى العصور)، أو نتيجة تشدد العادات والتقاليد في الجاهليات قبل الأديان سواء في الشريعة المحمدية أو شريعة موسى وعيسى عليهم السلام، وإنما أتى السياق في إطار التحول التدريجي كما في حال الرق وحال الخمر وحال الإرث الذي لاتزال مشكلته إلى الآن لم تحل.
نعم أنه رأي شخصي أراه وأعرفه ولمسته ولست مطالب بإقناع من إيمانه مطلقا بما يعتقد صحته، لكني أصر على أن العلاقة تكاملية بين الرجل والمرأة على حد سواء، والدور الأكبر فيه هو للمرأة وليس للرجل، فدورها أهم وأكبر وأصلح للمجتمع وللناس وللبشر، ومن لديه شيء من المغالطات والكبرياء فليمارسها على كل البشر عدا أمه التي ولدته وأمه التي أرضعته وأمه التي رعته حتى كبر.
ولي أن استشهد بصحابية جليلة نزلت فيها الآيات الأولى من سورة المجادلة وهي: خولة بنت ثعلبة رضي الله عنها إذ نادت ربها وهو معنا اينما كنا وهو السميع البصير الاية : {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } والاية: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ ۖ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ } (لا أحبذ قول استجاب الله لها من فوق سبع سماوات)، طلقها زوجها ظهاراً، قالت : {اللهم أشكو إليك ما نزل بي} وذهبت إلى الرسول صلى الله عليه وسلم تشكو زوجها أوس ابن الصامت الذي قال لها أنت علي كظهر أمي وطردها، فقالت للرسول إن لدي منه صبية صغار إن ضممتهم إليه ضاعوا، وإن ضممتهم إلى جاعوا، وكان الظهار من جاهلية العرب، وهي تحب زوجها وتخشى على أولادها فنزلت فيها الايات الكريمة والله ارحم بعباده من أنفسهم وفيها الحل بالكفارة والتي فيها خيارات ثلاث عتق رقبة (حل لبداية تحرير الرق) أو صيام شهرين متتابعين أو اطعام ستين مسكينا، فأمره الرسول بكفارة الظهار، ومن عظمة الاسلام وخلق ورحمة الرسول صلى الله عليه وسلم وشفقته بها وبأطفالها ولكونه لا يجد رقبة ولا يستطيع الصوم وليس لديه مالا؛ أعطاه نصف اطعام الستين وكلفه بالباقي وأرجعها إليه.