كثير ماتدور حوارات بيني وبين من يسمعني.
منهم من يَعْجَب . ومنهم من يَعتبْ ، ومنهم من لايستطيع أن يُعَبر إلا بعبارات الصمْت التي تراها في أعينهم . تأتيني من قريب أو من بعيد ، ومنهم من يكتفي بِقَلْب الصفحة أو الموجه أو حتى (وجهه ).
وهذا طبيعي عندما تأتيك مالم تَعْتاد على سماعة ، أو تسمعه لأول مرة.
ومنهم يصفني بالمتفلسف،ولا عجب أن أني أحمل شهادة عليا في الفلسفة.
مُصطلح الفلسفة أو كلمة فلسفة من الكلامات التي تقع في صندوق الكلمات ذات المعنى الايجابي والمفيد، لكنها اُجْبِرت وسُحبتْ عِنوة الى غيابة جُب الكلمات التي مجرد سماعك لها تشعر أنها (شتيمه) مثل كلمة ( شاطر ).
وفلسفة أصبحت من الكلمات التي في آخر سطر الحوار ، وأداة سريعة لإنهاءه.
أو الدخول في مرحلة جديدة من الحوار تكون الحركة فيها سيد الموقف واليد أو أي عضو أخر أداة انهاء الجولة وحسمها .
(فا أنا كمان ...بلا فلسفة !!!)
يقول فرانسيس بيكون الفيلسوف الانجليزي :
"قليلٌ من الفلسفة قد تؤدي بك إلى الإلحاد، لكن التعمق الشديد بالفلسفة يرمي بك في أحضان الدين".
أعد قراءة ما قاله مرة أخرى ، وسا أعيد عليك محاولة فلسفتها وفهمها بطريقة أخرى يمكن أن تفهم كالاتي :
" أنك بعد رحلة طويلة في الفلسفات المختلفة ستكتشف أن عقلك المنطقي الأرسطي الصارم لن يستطيع تفسير هذا العالم ولا ما وراءه، وأن تلك العقلانية الصارمة التي حاكمت بها الدين، يمكن أن تنسف لك كل فكرة فلسفية أخرى، فتجد نفسك بلا شيء تقف عليه، وترى أن ما رفضته يوماً قد يُقبل بطريقة أخرى" .
العقل لا يتقبل إلا ما يلائمة ولا يُصدق إلا ما يستوعبه ، حتى وأن حشرت بين ثناياه كلمات أو معلومات، فإنه تظل بلا مكان في العقل، تجلس فيه استعداداً لاستغلالها و الإستفادة منها لتغيير سلوك ،
أو أتباع طريقة ،
أو تغيير أتجاه . فيظل العقل بحاجة لبصيرة خارجه تساعده على تنظيم وترتيب تفكيره، إن البصيرة بمثابة النور المشع من فتيل مشتعل بِمْشكاة في زجاجة حين اشتعاله، تحميه من الانطفاء وتوزع نوره بالتساوي لكل الجهات.
لقد بدأ المفكر المصري زكي نجيب محمود وضعياً منطقياً وانتهى بدراسة التراث الإسلامي، وبدأ مصطفى محمود شكوكياً وانتهى إلى الإيمان.. وبدأ عبدالرحمن بدوي وجودياً وانتهى إلى الدفاع عن الله والدين.. وبدأ روجيه جارودي ماركسياً وانتهى إلى الإسلام..
للفلسفة منهج ، وطريقة بحث ،
تستوجب التعمق والدراسة والقياس ومزيداً من التجرد وكثيراً من التمركز ، وبعضاً من التشبث ، لاجل التثبت .
للذين يستعجلون الوصول والحكم في قضايا فلسفية شائكة ..أعد النظر !!
كرتين فالأمر أعمق مما ترون..
فلا تتركوا جذوة الإيمان التي تمنحكم الطمأنية، والمعنى للحياة، والقيمة للوجود، لمجرد اهتزازات فكرية وفلسفية وجدتموها على الشاطئ..
صوموا وصلوا على النبي واصمتوا وتأملوا وستجدوا ما يعزز الإيمان بعد تجاوز الشاطئ.
وبعد أن تصل الى بر الأمان لن تجد من يقول لك ...
بلاااااا فلسفة .
Oatta17@gmail.com
1 comment
1 ping
بسمة رجب
12/09/2020 at 11:07 ص[3] Link to this comment
رائع ماشاء الله تبارك الله عليك د. عثمان، كلمات فلسفية جميلة ومنطقية ومبسطة.. زادك الله من فضله ونفع بك وبعلمك يارب ..