يا قابع بين أضلعي كم أنت واهن ضعيف ، أتذكر ذلك الشعور المخيف ؛الذي أربكك ؛توقفت معه الأنفاس وارتعدت الفرائص هلعًا ، مخاوف انبعثت مع العرض السينمائي الذي عُرض قبل أشهر من إعلان الجائحة ، عروض أدمنتها زمنًا ،ولم تحرك ساكنًا لمشاعري كما فعل ذلك العرض ،أيكون بمثابة إنذار مسبق لأحداث واقعنا اليوم بالوصف والرؤى ،ارتياب وخوف ،رعب شاع في القلوب ، تساقط للأنفس كما تتساقط الثمار من الشجر، أعراض مخيفة تظهر على المرضى ، تتعلثم الكلمات وتجحظ الأعين من هول هذه المناظر ، والأثر الذي ما زال يخيم على الذاكرة ، تلك الطبيبة التي عاهدت نفسها بالبحث عن أسبابه وتفشيه فكان مصيرها كيس توضع بداخله وترمى مع بقية الجثث المتهاوية .
حادثت نفسي المرتابة أيمكن أن يحصل هذا حقًا ، أم أنه وحي خيال تلفازي ، تلاشت تلك الأفكار بعد مدة من الوقت وعاد الهدوء لمخيلتي.
لكن واحسرتاه لم تمر بضع أشهر حتى أعلن عن وباء اجتاح العالم بأسره ،أربك الدول وشعوبها ، أظهر الضعف والخور لمدعي القوة والسطوة ، هوان وعجز لعظماء الهيمنة الإقتصادية فخارت قواهم وتلاشت صولتهم .لكن بلادنا كانت كالطود الراسخ ،حيث اتخذت اجراءات احترازية مسبقة وحكيمة، لمنع انتشاره حفاظًا على الأرواح ،فالتزم الوطني وامتثل لهذه الأوامر .
نعم أصبحت الشوارع باهتة تنقصها الحياة ، أصبح الغياب عن الأحباب فطنة وصواب ،تعطلت مناحي الحياة ، وأحلام الغد مشردة في فضاءات الوحشة والارتقاب .
نعلم أن أعظم الأماني بقاء الأنس برؤية أحبتنا عمرًا لكن الأيام متقلبة فهذا ديدنها ،أبكت المقل ،وأوجعت القلوب حتى سالت دموع الأسى على فراق أحبة قاسوا الأوجاع سنين فراقهم وجع وذكراهم باقية في القلب ، فاضت أرواحهم قبيل الجائحة بمدة يسيرة أمر كان في ظاهره ألم فراق ،وباطنة رحمة إلاهية وشفقة من تألب الأوجاع عليهم .
لذا أليس الأشد ألمًا خبر يقع على الفؤاد وقوع الصاعقة بإصابة قريب أو صديق هم لنا روح الحياة ونبع ودادها ،
احساس تهلع منه الأفئدة لزائر غير مرحب به.
اعلم أن هذه الجائحة صياد شرس ،لا يسلم منها إلا من رحم الله ، ولا راد لها إلا دعاء نتوجه به لرب العالمين ،وإلتزام بالأوامر الاحترازية من أجل أنفسنا وأهلينا .ولتتيقن أن بارقة الأمل تلوح في أفق اليقين وترياقه دانٍ بأمر الله عز وجل .