الغياب مجموعة قصصية لكاتب المبدع عبد الرحمن المنصوري ،صادرة عن دار السكر لنشر في مصرعام 2019، تضمها أكثر من أربعين قصة وتقع في 85 صفحة ،وجميعها قصص قصيرة جدا.
القصة القصيرة هي نوع أدبي عبارة عن سرد حكائي نثري ، وتهدف إلى تقديم حدث وحيد غالبا ضمن مدة زمنية قصيرة ومكان محدود غالبا لتعبر عن موقف أو جانب من جوانب الحياة، لا بد لسرد الحدث في القصة القصيرة أن يكون متحدا ومنسجما دون تشتيت.
لم تكن تعلم أن الحياة قد تكون بكل هذه السهولة، ولم تجد أي شخص من لم يمر بكرب أو ألم أو حزن أو مر بتجارب صعبة. لن تبقى الشمس طوال اليوم فلن تلبث أن تغرب الحياة تجري بين الغياب والإشراق ، الحزن والفرح.
ومن هنا نجح الكاتب عبد الرحمن المنصوري أن يأتي مكونات الحياة وتصويرها بقصصه المتميزة ، أن الغياب هو واحد من أكثر الأمور مؤلمة للنفس ، وهو يحتوي على الفراق والبعد والحزن والكأبة، وأصعب شيئ أن يكون هناك شخصا بجانبك ولكنه غائب عنك وهذه تصويرات تتجلى فى قصصه من البداية إلى النهاية.
لا يمكننا أن نبيّن كل ما تناقش الكاتب في قصصه ولكن ندخل إلى مواضيع تتعلق أكثر اهتماما في حياة الإنسان.رغم تسليط الضوء على ما تعانيه الإنسان فى حياته من العزلة والإغتراب الوحدة في المجتمع، يكشف عن جانب آخر حول فلسفية الحياة كما نرى في قصة السبحة التي تصور شخصا مات من أجل جبة المسبحة والتي تشير نسيان الإنسان عن حياة الأخرة وحركته من أجل حياة دنيوية تافهة وحقيرة. وذلك بكلماته سهلة التي يحتوي أقل من خمسة جمل.
يتناول في مجموعته بعض قضايا إجتماعيا بصورة إتيان شخصين متناقضين كما نجد في قصته " الزيف" التي تبقى فى المجتمع بالطريقة الخيالية، وكذالك مشكلة القرض تعامل بين الانسان.يأتي الكاتب مظاهر الحب التي وقعت بين الولد والأب في كثير من الأحيان لترسيخ أفكار إيجابية في علاقة الإنسانية.لملم الكاتب جميع ألوان الحياة بشكل متنوعة بما فيها الحلم ، الأمل ، القناعة ،الطموع وما أشبه ذلك من أنواع العاطفية.
لم يترك الكاتب أن يضع قصة تتناول قيمة أخلاقية التي تتميز الشخص من المجتمع منها في قصة " السمو" .يرى في هذه القصة أن القناعة هي أعظم شيء للسعادة بقوله "بحثوا عن السمو ولم يجدوه ودعوه مع القناعة " .
نرى في بعض القصة أمورا تفاؤلية ما تثبت في قلوب الرجال من خلال إمرأة شخصية لرجل بقوله " كن رجلا لا تبكي وان لم ترني " فى حين الفراق .ربما الكاتب شعر ألم الفراق والوعة خاصة بين الوالدين كما تتجلى في قصة الفراق.
تمتاز كتابة عبد الرحمن المنصوري بالفكرة الجيدة والعاطفة الجياشة والخيال البديع والأسلوب اليسير، ومن السهولة في التعبير والميل إلى استعمال الألفاظ المألوفة، مما يجعل القارئ أن يتم القراءة بشغف فى أقرب وقت ممكن.
لو نظرنا إلى مجموعة القصص نرى أكثر إهتماما فى إستعمال الاقتباس من القرآن مثلا عجلت إليها لترضى،من كان في المهد صبيا،تبسم ضاحكا وغيرها من الأقوال في الأحوال المناسبة.استعمل أيضا السجع والجناس في بعض الأحيان.من إبداعية الكاتب أنه تجلب حادثة تافهة بصورة متميزة تمزج بها الخيال وذلك تؤدي القارئ أو المتلقي إلى عالم التفكر والخيال. من جانب القارئ تتطلب حالة من التبني لدى القارئ، فالقارئ يتبنى النص حتى يصل إلى تكامل الرؤية، فوفقا للمؤلف فإن القارئ هو المؤهل بالتفسير والتأويل وقراءة ما بين السطور.
من بعض الإقتباسات :
ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل.
أزداد الألم ليموت الأمل.