إنها بمثابة ( حبسةُ الصدى )..( أو هكذا تُسميّها لغةُ القاموس الطبيّ ).. حيث يستعملُ المرء عدداً مُكرراً من الردود دون الإصغاء الجيد للأسئلة الموجهة .. رُبما أنها إحدى إفرازات القيود اللفظية التي نشأنا عليها .. والأغلال التعبيريّة المتجذّرة لدينا .. تقاليدٌ في الإستفهامات المُلقاة .. وعاداتٌ في الأجوبةِ المُنتقاة .. نُرددُها كالببغاوتِ دون تركيز ..( كيف حالك ؟!! اخبارك ؟!! كيف امورك ؟!! ) وهكذا ينطلِقُ سيلُ الإستنباء الجارف .. وطوفان الإستعلام المُتدفق .. وفيضانُ الإستفسارِ المُنهمر .. المؤلم في الأمر هو عدم الإعتناء بالردّ .. والا مبالاةٌ في الجواب .. لتأتيك بالمُقابل قصفُ الأسئلةِ المُضادةِ ( وأنت كيفك ؟!! كيف دنياك ؟!! كيف صحتك ؟!! ) ..
.. ويستمر السجال الصوتي دون الإكتراث السماعي للآخر .. أو الإهتمام الإصغائي للمقابل ..( هي فقط برمجةٌ تعبيريةٌ .. وكلماتٌ مُستنسخةٌ ).. تتم إعادةُ تصديرها بمظاهرٍ مختلفةٌ من بيئتنا الحاضنة والتي قضت على الطلاقةِ اللفظية حتى غدونا أجيالاً نتوارث التدوير المتطابق والموغلُ في وجدانِ التكرار ..
.. يقُولُ أحدُهم إستدلالاً للقولبة اللفظية ..( حضرتُ مرةً زواجاً .. إصطفّ العريس وذووه للإستقبال .. والجميعُ مُبرمجٌ على -( الف مبروك - الله يبارك فيك - عقبال لك )- فأردت إختبار هذه القولبة اللفظية عملياً .. وبدأت بالمصافحةِ قائلاً بصوتٍ شبه خافت -( جدتي ماتت !! جدتي ماتت !! )- والكل يرد على كلامي دون أن يعيه قائلاً -( الف مبروك عقبال لك .. الف مبروك عقبال لك ) .. وفي الخِتامِ دعونا من المقالِ ومحتواه وأخبروني كيف الحال ؟!!
قولبةٌ في الصميم :
.. لا تُنازع إهتماماتِك .. ولا تُقاوم رغباتِكَ .. ولا تُحارب نزواتِكَ .. ( لإنكَ ستهزِمُ ذاتِكَ .. وستذِلُّ محتواك ) .. ولكن بدّل توجيهها .. وأعِدْ تهذيبها .. ( واجعل ضابِطكَ لها شرعياً .. وليكُن معياركَ فيها دينياً ) .. وقتها ستتحولُ إلى أدواتِ نصرٍ تحميك .. ومصادر قوةٍ تُنجيك .. وعن دروبِ الباطلِ تُغنيك ..