بين فينة وأُخرى نسمع البعض يردد أن الإسلام إنتشر بالسيف وفُرض على الناس بالقوة،والقتل ،والسلب ،والنهب ،والسبي، وهذا الكلام صحيح وأقر واعترف بذلك وهذا الاعتراف بالإكراه لانني أمام سيفك السليط وفكرك المنغلق وأسلوبك في الجدال للجدال فرأيت موافقتك لاتقاء شرك.
وفي الوقت الذي نطلب فيه فتح مراكز دراسات ،ومعاهد بحوث ،وأكاديميات علميه متخصصه لعمل بحوث علميه تعتني بالتاريخ، والحديث ،والدراسات القرآنيه ،والتفاسير نجد أمامنا أيضاً من الناس يُنَفّخُ اوداجه ،ويُحَمّرُ عينيه، ويُمَسّجُ لحيته ويقول: من أنت لتتكلم عن التفسير أو عن الدين أو التاريخ أو عن الحديث ! فأجد نفسي في حصار بين داعشي يدّعي زورا وبهتانا أنه من طلبة العلم أو يريد أن يصل إلى ذلك ،وبين أخر مدّعي الليبراليه أو العلمانيه أو الحضاره أو الثقافه أو التطور(سمّها ماشئت)وفي نفس الوقت لا يفهم غير ما يريد هو من ألنيل من الدين ، حقيقة تحتار مع الطرفين وتفضل الصمت وتكف عن الجدال والتعليق ،وأمام تصلب من ناحية وتشدد من طرف آخر نقف حائرين .
نحن في فترة إنبثاق فكري (مابعد الحداثه)، وإنفتاح تكنولوجي، وعلمي ،وسياسي لابد أن نعيها جيدا ونسير معها بلا إفراط ولا تفريط، وأنت أيها المواطن العربي المسلم يهمك الدين والوطن ويجب أن نجنب أبنائنا حالة التوهان هذه، فكلنا لانملك الحقيقة كامله فلربما أننا نمتلك جزء منها فقط، ولمن أراد التبصر فإنه سيتبصر بالعلم والإطلاع والوعي وتنمية معرفته وسيصل حتما للحقيقه الصحيحه بشرط فتح عقله وقلبه وترك التعصب جانبا ويستمر في البحث والتقصي بحياديه مطلقه مخرجا من عقله أي ادلجه تأدلج بها سابقاً .
عندما يتحقق مطلبنا في البحوث والدراسات العلميه سيرى الطرفين أنهما كانا على خطأ تام وسيلتقيان لا شك بعد إيجاد النتيجه العلميه لهم والتي لا يخالطها الشك، ليس هناك بُدّ من الأخذ بالعلوم الحديثه بكل مجالاتها وتطويعها في البحث والتحقيق للتاريخ ،والتفسير ،والحديث وإلاّ فإن الهوة ستكبر والخلاف يزيد وأن ضَعُفَت الموجه وخَفَتت فتره فإن معاودتها مستقبلا ستكون أكثر عنفوانا وأشد إيلاماً.
ساطرح هنا إجابات مختصره جدا لتكون منطلقا للتفكير ومحفزة للبحث ، وهي شافيه و مقنعه للإجابه وردم هوة الإختلاف لمن يريد أن يقتنع، أمّا أحدكما ياصاحبيّ الذي تقول إن الإسلام نُشِرَ بحد السيف ،
فنقول له: يا أخي إقرأ التاريخ بتفحص وإنصاف سواء كتبه المنتصر أو المنهزم ،السياسي المؤدلِج أم الإقتصادي الطّمِع ،وأنظر حال الامبراطوريتين الفارسيه (الاكاسره)في الشرق، والروميه (القياصره)في الغرب والشمال،والحالة الحربيه والصراع بينهم والآطماع وحب السياده والسيطرة، فكانت جزيرة العرب وشمال افريقيا قبل الإسلام ترضخ سنوات تحت حكم الفرس وسنوات أخرى تحت لواء الروم ، قال تعالى في أول سورة الروم :( ألم * غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * ).
وهذا يعني أن الإسلام نشأ بين إمبراطوريتين متصارعتين، وجاء الإسلام من جزيرة العرب بين القوى المتصارعه(لم اتطرق للجنوب الذي كان يتبع للاحباش تارة ويتبع للفرس تارة وينفرد به حاكمه تارة-كان يحكمه باذان وتابع للفرس عند بعثة الرسول-). فكان لابد من الذود والدفاع عن الحياض والحدود لكف الأذى وصد الهجوم،وليس لنشر الإسلام وفرضه بالسيف كما يقال ،وإن كانت الرسائل التي بعث بها الرسول صلى الله عليه وسلم لكسرى وهرقل تدعوهم للإسلام بتوجيه إلهي لاشك ،لأن التبليغ بالرساله تشريع وبلاغ، لكن الهدايه والدخول في الدين من عدمه يعود لمشيئة الله والقرآن حافل بهذه الشواهد والأدله ،زد على ذلك ما تضمنته نهاية الرساله لكسرى (إن أبيت فعليك إثم المجوس)،فلم يكن هنالك فتح بقدر ماهو صد وردع وتامين للحدود،وأتت الحروب بعد تجهيز الاعداء جيوشهم للهجوم فيتجهز المسلمين لقتالهم فينتصرون بإذن الله ويسيطرون على أرض وديار الأعداء،فتؤخذ الجزيه مقابل الحمايه لمن بقي على دينه، والزكاة على من أسلم.
كانت أخلاق المسلمين وطباعهم وسلوكم وتعاملهم ونظامهم وتشريعاتهم تعطي قناعات للناس فيسلمون.
وفي قصص إنتشار الإسلام في جزر المالديف بواسطة تاجر بربري لم يقاتلهم بسيفه،وكذلك جزر أندونيسيا التي دخلت الإسلام بواسطة تجار من حضرموت .
وأما الثاني فعليك القرائة العميقه يا أخي سواء للمفسر أو العالم أو الفقيه بناء على أي مصدر اعتمد، وأي حديث كتب، وإلى أي مذهب ينتمي، وأي سياسه(حُكْم) كان في وقته، وأي ظرف كان فيه الناس (الحالة الإجتماعيه)،وأي خرافات وقصص كانت تحكى(لابد من اخذها في الإعتبار)لأنها تشكل الفهم وثقافة ذلك العصر،وماهو مستوى اللغة واللهجات في عصره(مدى قربها وبعدها عن فترة نزول القران)وتطبيق علوم اللسانيات وكذلك العلوم السيميائيه،والى اي مدى كان مستوى فهم الناس وتطور معارفهم(حيث أن لكل فتره مستوى معرفي محدد)وبإمكان علوم الإجتماع وكذلك علم النفس إيضاح الحاله الإجتماعيه السائده في فترة التدوين لكل نص يتم اختياره للبحث وإخضاعه لواقع الفتره المعاشه ذلك الوقت والظروف التاريخيه ، والافكار والمعارف السائده حينها لان المعارف في إزدياد مستمر.
عندها يتم إحترام النص والمعلومات والتراث التاريخي ،والفكري ،والديني وتتبين مدى صحته ومطابقته للصواب ومدى بعده واختلافه عن الحقيقه والواقع ،فبعد ذلك ارى أنه ليس هناك مجال للتشكيك في التراث أو للتفاسير أو للتاريخ ولا يمكن أن يكون هناك مجال للتأويل أو التحريف أو التشويه وتنعدم الادلجه التي كان السياسيون يعتاشون عليها .