كلَّ إنسان مهما كان مفعماً بالحياة والصحة والنشاط والمال الوفير ، فإنه قد تنقلب عليه الحياة بعد دقيقة واحدة لتغيّر له مسار حياته وللأبد .. أحياناً تكون فجأة نتيجة تحاليل طبية يصارحه بها طبيبه أو يتلقى مكالمة هاتفية تدخله في صدمة أو حادث في سيارة أو حتى وهو يمشي بالشارع وأحياناً كلمة من شخص آخر وغالباً ما تكون موقف يتعرض له ... إنها دقيقة واحدة كفيلة لأن تغيّر مسار الصحة أو تخلق لصاحب العافية المرض أو حتى تنقله إلى حياة الآخرة مهما كانت مخططاته أو ترتيباته أو تأمينه الصحي أو الأرصدة الكبيرة أو ما يستلزم من احتياطات تحول بينه وبين ما كان يحتاط له.
الأحداث من حولنا تؤكد لنا في كلِّ دقيقة أنه لا يوجد ضمان في هذه الحياة سوى إيمانك ورصيدك من أعمال ترجو بها أن تقابل الله تعالى حيث الرصيد البنكي لا ينفع ولا الفيللات الفارهة تجدي أو تشفع ولا السيارات آخر موديل يكون لها قيمة ولا الوقت الذي ضاع في جمع الأموال ينفع إن لم يكن هذا المال مقروناً بحقّ الله تعالى فيه ... كلُّ ما جمعته في الحياة هو إعارة وليس ملكاً قد تستفيد منه وقد لا تستفيد وقد تتحسر عليه وتندم أشدّ الندم إذا فاجأت الأقدار أحدنا ليقول : يا ليتني كنت فعلت وفعلت وفعلت ...
حيث العافية ذهبت والعلم مسحه الزهايمر والفهم أصبح وهماً والمال الموجود لا يستطيع شراء أدوية لما ذكرنا .
الدقيقة التي بين يديك إن لم تفكر فيها بشيء تفعله تقابل به ربّ الخلائق بفعل يكون مقبولاً عند الله ، أو إن لم تفكر بتوظيف الأموال التي جمعتها كيف ترضي بها الله تعالى من إنفاق على من أمرنا الله تعالى بالإنفاق عليهم أو حتى بعمل مشاريع استثمارية الهدف منها إعالة أسر فقيرة أو أرملة بين يديها أيتام تربيهم .
فكّر بمستقبلك ما بعد الانتقال إلى العالم الآخر وقدّم له تأمينك وأرصدتك التي ترضي بها خالقك الذي أوسع عليك رزقه ومنحك الصحة والولد والحياة المريحة ولا ترهق نفسك بالتفكير بالدنيا فإنها ليس لها صاحب ولا تعرف معنى الوفاء بل الغدر بالناس ديدنها ...
إيّاك أن تكون من الصنف الذين ذكرهم الله تعالى في كتابه الكريم : ( وأحضرت الأنفس الشّحّ ) والإنسان الشحيح ليس البخيل بماله فحسب بل شحيح بعواطفه لم يسمع أحد من الذين حوله منه كلمة رقيقة أو كلمة مواساة أو حب ...شحيح بوقته وأناني لا يفكر إلا بنفسه ليجمع لها الأموال شحيح بكل شيء وهذه الأنفس معزولة بإحضارها يوم الحساب لأن حسابها عسير ويختلف عن حساب بقية الناس .
إرمِ عن كاهلك التفكير بيوم غد فقد لا يأتي لتستمتع به وقد يأتي ولكن معه منغّصّات الراحة ولا تكن حياتك كلها في همّ الجمع للغد بل توكل على الحيّ القيّوم فهو الحكيم الخبير الذي يدبر لك الأمر ويلطف بعباده وقل دائماً : يا ربِّ ليس لي سواك مربي ...
1 comment
1 ping
Rana
28/05/2019 at 5:57 ص[3] Link to this comment
سلمت يمناك كاتبتنا العزيزة ….حياتنا مرهونة بدقيقة ربما تسعدنا وربما تزعلنا …والفائز من اغتنمها للاخرة….جزاك الله كل خير