حلقة من مسلسل امريكي مشهور تتعدى المليار مشاهد.
توقفت عند هذا الخبر الهائل، كيف نالت حلقة كل هذا الاهتمام بالعالم اجمع؟ أي من بين كل سبعة اشخاص هناك شخص واحد شاهد تلك الحلقة. رغم انني من الستة الاخرين فالرقم استرعى انتباهي. إن حلقة واحدة تساوي كل ما انتجته الدراما العربية منذ بزوغ الشاشة الفضية. الأمر الأخر الذي اعرفه، أن تلك المسلسلات العالمية لها مواصفات تختلف تماما عن الدراما العربية. بداية أن جل تكاليف المسلسل يكون بإنتقاء كاتب محنك و سينارست فطن ومنتج لماح، لذا تحتوى كل حلقة على شبه اعداد كامل قبل انتقاء نجومه. لذلك يخرج من تلك المسلسلات نجوما مغمورين تماماً. كما ان فكرة تلك المسلسلات العالمية تستقطب اغلب الفئة العمرية ومستويات مختلفة لذا تكون ناجحة بشكل كبير .
بعكس الدراما العربية التي جل تكاليف انتاجها هو أجور الممثلين و انتقاء نجم الشباك . هنا لم يبقى الا الفتات للإنتاج الفني فيصبح غير مقنع ومليء بالاخطاء الفنية والتقنية وأجراً اقل للكاتب والسينارست فيكون الحوار اقرب للثرثرة الفارغة وحتى السباب، بدلاً من كونه حوار ثري بعبارات آخاذه.
الامر الاخر وهو لمَ يلتزم العرب بكون المسلسل ثلاثين حلقة دائماً؟ نعلم أن شهر رمضان المبارك هو الموسم لنشر تلك المسلسلات . هنا يلجاء المخرج لمطمطة الاحداث و ادخال الكثير من الحشو الغير لازم للقصة فينصرف عنها المشاهد من شدة الملل او ينتظر حتى تتوفر باليوتيوب. ناهيك عن الإسقاطات التي تحدث بالمسلسل والتي لا علاقة لها لا من بعيد وقريب بأحداثه ، الا لتكثيف مقاطع الدعاية . الامر الاخر المزعج حقا هو التركيز على عيوب المجتمع وإظهارها بكونها واقع الحياة الاجتماعية وهذا عكس صورة خاطئة عن المجتمع للمجتمعات الخارجية . فليس كل رجل خليجي يتلذذ بصفع النساء و إذلالهن و نهب مال ابناء أخيه و يقود ميرسيدس.
ليس كل ابناء الخليج أثرياء بل هناك من يعيش الكفاف و ليس كل الرجال خونة معقدين مغتصبي مال الأيتام. يحلوا لمن يطبل لتلك المسلسلات ان يردد ان هذا واقع ! وإن فرضنا جدلاً انه واقع ، فهم كمن ترك الكتابة عن قصير منيف و ركز بكتابته على حمام سائق أسرة ذلك القصر
هناك ممثلين اكفاء و ذو موهبة حقيقة و لكن يحتاجون للفرصة بدلا من الممثلين المخضرمين اللذين اخذوا فرصتهم بالطول والعرض. اليست المواهب الجديدة اجدر بالفرص ؟ يجب ان لا نتهاون بالفرص الاستثمارية في الفن فهي تعتبر من اكثر الموارد دخلا بالعالم بل وتحولت بلدان تلك المسلسلات والأفلام الى أماكن سياحة رائدة كما انها منبر رائع لنشر ثقافاتنا الى العالم بصورة صحيحة بدلا من التركيز على اخطاء وعثرات المجتمع لهثا وراء الشهرة الفارغة.
المشكلة الأكبر الان امام الدراما العربية، انها فقدت جمهورها امام الهجوم الكاسح من نجوم اليوتيوب . بل ان بعض منتجي المسلسلات أخذ يستعين بهم لجذب شريحة اكبر من الجماهير. عالميا يفترض العكس وهذا انحدار اخر لان يفترض ان معايير الدراما يجب ان تكون افضل ولكن بسبب الاحتكار الفني من قبل فئة معينة، وجد النجوم اليوتيوب وغيره متنفس وفرصة لهم.
حتى الان لم ينجح احد عالميا بالدراما العربية رغم وجود الموهبة والكُتاب والمال ، فمتى يفيقوا من سباتهم