مدينة العامرات مدينة عامرة تجمع بين السهول الواسعة والجبال الشاهقة والمزارع الخضراء والبساتين الخلابة والأودية التي تروي قُراها ومن يجاورها عند كل سيلة ماء من السماء التي تلملم الغيث في أجواءها الجميلة ، لها تاريخها الأثري المخلد نحتاً ونقشاً بكل زاوية من زوايا قُراها القديمة وعلى جبالها الشامخة راسخة بأرضها الطيبة .
العامرات مدينة كانت تسمى قديما بالـ (الـفـتـح) نُسب إليها هذا الاسم نسبة إلى أنها كانت بمقدمة كل القُرى في الوادي ، فهي التي تستفتح وتستقبل وتُعد البوابة الأساسية للقرى الرئيسية بها كالـ (قرية العامرات والحاجر وسيح الظبي وجحلوت وقرية وادي الميح ووادي السرين والسديرات) والتي يتفرع منها الأحياء إلى (٤٦) حي ومحلة ، حيث تقلدت بإسم (وادي حطاط) وبمرحلة ما سُميت كذلك بـ (المتهدمات) والتي لها قصة كمن صابتها العين وزالت بـ الرقي .
مدينة العامرات مدينة الآثار التاريخية وأبراجها التي تشهد على مرور وسكنة الحضارات القديمة بها من هندسة بيوتها وعمران مساجدها العريقة التي تُعد مزاراً للسواح كـ (مسجد الخفيجي الأثري الواقع بإحدى تلال جبل قرية الحاجر والدرج المنحوت على التلال والمبني بالجص ، ومسجد المدام ومسجد الحارة ومسجد الحدري ومسجد الغافات ومسجد العريش وغيرها من المساجد بين المندثر والقائم) .
العامرات مدينة تتنوع بها البساتين بين القرى وبيوتها الأثرية القديمة وبزراعتها للنخيل وأشجار المانجو الكثيفة التي تعانق الجبال بمنقوشاتها ورسوماتها وكتاباتها ، موثقة لنا إبداع الإنسان العماني ومبينة لنا أساليب الحياة الاجتماعية التي تعايش معها والمعارك التي خاضها في تلك الحقبة ، والأبراج الأثرية الباقية والحصون المبنية من الصاروج والحصى الشاهدة على قيام تلك المدينة ولحاقها بعدة حضارات متنوعة كـ (برج الرجيع وبرج المنظرية وحصن بعي) ومن آثاراها تلك المقابر التي تتنوع بشكلها الدائري ذو فتحة في قمته المدببة وغيرها شاهدة على أنها تعود للعصور ما قبل الإسلام ويشهد بعض اكتشافاتها إلى ما قبل الميلاد بثلاثة آلاف سنة .
مدينة العامرات التي تحمل من الآثار القديمة والمعالم السياحية كـ (منجم الرصاص ومنجم اللاصف وبيت الصهاريج والمتعرجات الجبلية ما تسمى بـ (جبل السقيف) وجبل سفح الباب واللجام ومقطع المغر) وغيرها من المعالم التي تشهد على ثبات وجودها وأهمية مدينة العامرات في النشاط الاقتصادي منذ القدم ، ولك فيها (محمية السرين الطبيعية) التي تُعد من أهم معالمها البيئية حيث تتكاثر فيها الوعول العربية والغزلان الأصيلة السارحة بالمحمية الطبيعية وتحتوي على العديد من النباتات والأشجار التي تعج بها الحياة الفطرية وتتأقلم معها الحيوانات النادرة .
العامرات مدينة المستوطنات الزراعية حيث تبين من تلك المستوطنات الزراعية أنها قد توالت بالظهور على فترات زمنية مختلفة واعش بها الإنسان العماني متناغما مع تلك الأرض الصلبة قاهرا إياها ببناء مستوطنات كـ (مستوطنة الأخضر وبها بقايا مسجد أثري ومستوطنة السعادي في قرية جحلوت ومستوطنة المحيول التي لازالت آثار جدرانها ومخازنها باقية ومستوطنة الفيفا التي تقع بمنطقة جبلية مرتفعة قرب قرية حـيـم) .
مدينة العامرات مدينة (المتهدمات) تزخر أرضها بتلك الحضارات القديمة والعريقة التي بها ما يفوق عن ٦١ فلجاً كـ (فلج العامرات وفلج الحاجر والمشهور بفلج الأسود) و٥٧ وادياً منها وادي السرين التي تشتهر بها قرية بعي الجميلة الخلابة ومزارعها التي تعرف بـ (مقاصير) النخيل وبها منبع عين ماءها سلسل يرتوي منها أهل القرية ، وأحيائها المحصنة والمتميزة عن بقية المدن والقرى في تحصينها منها ما بني على مصطبة جبلية تشرف على ممرات الأودية والممرات الحيوية في ذلك الوقت ، وما سيشاهده الزائر لهذه الأحياء أنها أحياء مسوّرة بأسوار يُحسب سُمكها متراً تحيط بالحيْ الذي تجد خلف سورها البيوت السكنية والمباني المبنية من الحجارة المتهدمة بقت أثراً وخلدها التاريخ لتكون شاهدة على عراقة وقِدم هذه الأرض ولها ما لها في تلك الحقبة الزمنية ، والتي قد أصابتها في فترة من الفترات عين الجفاف مما سبب ذلك إلى نزوح قاطنيها عنها وهجرها لوقف سبل العيش بها وما أن باتت مهجورة حتى تهدمت جدران تلك المدينة وأطلق عليها من قبل أهلها بالإجماع منهم بتلك الفترة الجافة الجدباء اسم (المتهدمات).
العامرات مدينة مزجت بين الماضي والحاضر زاهرة بعدد كثافة سكانها وتعدد ثقافاتها والمتمسكة بعاداتها وتقاليدها وموروثاتها الشعبية التي تقع جغرافياً في العاصمة العمانية مسقط تجاورها عدة مُدن ملتحمة بها فمن الغرب تحدها مدينة بوشر التي تفصل بينهما سلسلة جبيلة عملاقة ومن الجنوب الشرقي تحدها مدينة قريات وأما من حيث تشرق الشمس تطل عليها العاصمة مسقط الشامخة على بعد ٣٢كم ومن جهة الشمال تستقبلها مدينة مطرح التقليدية العريقة وترتبط من الجنوب الغربي بمدينة دماء والطائيين التي تقع بمحافظة شمال الشرقية .
الكاتب : طارق الصابري
سلطنة عمان