لا.. تضحكوا !!
كثيراً ما نسمع كلمة عبيط ، في لهجتنا العامية وخصوصاً الحجازية ،( فلان عبيط ، بلا عبط، استعباط .. الخ )
تستخدم هذه العبارة عندما نجد شخصاً حينما تتحدث يحاول اثبات عكس ما تتكلم ، ربما لجهل ، أو لنقص في معلومه ، أو اسلوك اتصف به بعض الاشخاص .
بحثت عن ( عبيط ) وعن اصلها في معاجم اللغة فوجدت انها
عَبَطَ الذَّبِيحَةَ" : ذَبَحَهَا وَهِيَ سَلِيمَةٌ سَمِينَةٌ فَتِيَّةٌ. 2. "عَبَطَهُ الْمَوْتُ" : أَخَذَهُ الْمَوْتُ وَهُوَ فِي ريْعَانِ الشَّبَابِ بِغَيْرِ عِلَّةٍ. 3. "عَبَطَ الثَّوْبُ" : اِنْشَقَّ. 4. "عَبَطَ الثَّوْبَ": شَقَّهُ وَهُوَ صَحِيحٌ. 5. "عَبَطَ الأَرْضَ" : حَفَرَ مِنْهَا مَوْضِعاً لَمْ يُحْفَرْ مِنْ قَبْلُ. 6. "عَبَطَتِ الرِّيحُ وَجْهَ الأَرْضِ"
والكثير من المعاني ، وتشتق منها استعبطَ يستعبط، استعباطًا، فهو مُستعبِط، والمفعول مُستعبَط (للمتعدِّي) • استعبط الولدُ: ادَّعى العباطةَ. • استعبط البائعُ الولدَ: ظنَّه أو جعله عبيطًا.
اعتباط [ مفرد ] : قيام بعمل أو توقف عنه بدون علة أو سبب أو مبرر تصرف اعتباطا - فرض رأيه اعتباطا - قام بعمله اعتباطا فلم يبلغ به هدفا .(المغني )
لذا فهي كلمة عربية اصيلة انتشرت في اللهجة العامية ، فعندما يتعامل الشخص مع مابيده بجلفة وغلظه دون قصد يقال له ( عبيط) ، حتى كنا نسمع في بعض المسلسلات يقول المدرسون : ( اعبطه) اي جهزه للضرب ، كما في اصل الكلمة ( والأصل فيها :الطري ، وغير الناضج.
عموماً الحديث يطول عن (العبط) وما أكثر العبطاء في هذا الزمان غير الناضجين ، المتأولين ، ( الفاهمين غلط) .
لكن هل سمعت عن ( العبط الفكري )
نعم :
هو نقص أو خلل فى البناء المعرفى ، بأن تُفَسر المشاكل والمواقف بالخصوصية لأن لكل منا ( نحن لنا سمات خاصة مختلفة ) فهذا خطأ لان الاتجاهات فى تغيير دائم وفقا لتغير الواقع ، ومن ثم لا مجال لخصوصية دائمة أو سمات لا تقبل التغيير .
لأن المعارف والمهارات حقيقية وفقاً لنتائج آخر تطبيق لهما ... ويكمن عمق المعارف فى دقة التعبير عنها او نقلها بالكلمة المسموعة و المكتوبة بحيث تصل بوضوح إلى من يستقبلها .
كما أن عمق المهارات يكون فى مدى فاعلية وكفاءة استخدامها عند أعلى مستوى من الإنتاجية .
فهى منظومة ثلاثية الأبعاد.
فانا أعبر عن ما أجيد فعله ،
و أكتب ما أجيد فعله ،
وأطبق ما اجيد فعله .
اما الاستعباط الفكرى فهو يعنى الهروب من الحقيقة باستخدام المصطلحات المعلبة والأكثر رنينا ، أو الصيغ الجاهزة من المعلبات الثقافية فى وصف الخطط والإستراتيجيات المستقبلية مثل النقلات الحضارية ، وغير المسبوقة ، والنهضة ، والبعث الجديد ، والعبور الاقتصادى ، وما إلى ذلك من مصطلحات الاحتواء ...الخ
أو أن تفسر أسباب الفشل بالمؤامرة ، أو المعايير المزدوجة ، لذلك لا داعى للعبط أو الاستعباط الفكرى . (م.م.مصطفى )
والعبط هو امتناع التعلم ، والتمسك بما نملكة من معرفة دون قبول لدالرأي الاخر ، أو الحداثة ، وهو قريب الى الجهل.
قال تعالى : " إن الإنسان كان جهولا" جهل بالشيء اي : خفي عنه . اي لم يسبق لنا أن عرفناه فجهلنا حقيقته. أو لمن علم حقيقتة فأراد تعمد اخفاءها.. لمآرب أخرى.
إن جهلَ الجاهلون أمر نقبله، لكن أن يَجهل مثقفونا فهذا أمر نرفضه ، وعقولنا لن تستوعبه، ناهيك إنْ علمونا من جهلهم فهذا أمر نستنكره .
قال تعالى : " الرَّحْمَنُ , عَلَّمَ الْقُرْآنَ, خَلَقَ الْإِنْسَانَ ,عَلَّمَهُ الْبَيَانَ ) الرحمن
قال الخليل بن أحمد: الناس أربعة: رجل يدري ويدري انه يدري فذاك عالم فخذوا عنه.
ورجل يدري وهو لا يدري انه يدري فذاك ناسٍ فذكروه.
ورجل لا يدري وهو يدري انه لا يدري فذاك طالب فعلموه.
ورجل لا يدري ولا يدري انه لا يدري فذاك أحمق فارفضوه.
العبيط ...اتخذ إلهه نفسه هواه وأطاعها ، يفسير الأمور عكس مايقصده مضمونها ويشعر بذلك بالمؤامرة و الدونية والعجز وقلة الحياة ، لأن المؤامرة تعتمد على إخفاء التآمر والتدبير دون علم من يتم عليه التآمر ...
وهذا لا يظهر فقط في الجانب الشخصي فقط ، يظهر ايضاً ( العبط) في المجتمعات المهنية التي ترفض التغيير والتطوير ، فتصاب بعدوى العبط الفكري ، فعندما والاستيعاب والتحليل والفهم استنادا الى العلم والمنطق لكل التقارير المنشورة والأفعال والأحداث التي تجرى . . .
نصاب بداء العبط ، و ( متلازمة ) السذاجة الفكرية، لأنها الأسهل عندما نعتقد أنها مستترة وتحاك خيوطها فى الظلام كبديل للتحليل الموضوعى للبيانات والمعلومات التى تؤدى إلى الفهم .
إن إلجام اللسان وتأطير الحديث ، وتغير المقصود ، أو التحريض للنطق بغير مقصوده هو ...(عبط) .
وعدم السماح لنا بالتعبير عن المقصود ، وتوضيح المنطوق هو ...( عبط ).
حينما نعطل العقل عن وظيفته فهذا ...( عبط ، نتعلمه) .
والإعتقاد أنٌ عِلمنا ( يكفينا ) ... فهذا ...(عبط ).
{يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة: 11]،
قال تعالى :
هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ۖ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ۗ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ ۗ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (7) رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ (8) ال عمران
تحياتي
عثمان عطا