إن الثقافة ميزان الأمم ، وهي ليست محكومة بالثبات والجمود ، بل هي متطورة مع تطور المجتمع ورقيه ، فيحدث التطور في كل من جوهر الثقافة ، وفي الطريقة العملية لممارسة تصرفات الأفراد داخل المجتمع المتطور .
فمادام الإنسان هوالمحرك والمنتج للثقافة بأنواعها المختلفة تختلف الثقافات وتتنوع من عصر إلى عصر ، ومن مكان إلى مكان .
وأممنا اليوم بلغت في خدمة الثقافة الى درجة رفيعة قدرها ، فتم في الهيكل التشكيلي الوزاري لكل دولة وزارة تحمل إسم ( الثقافة) لمكانتها ولعلو منزلتها،فأُنشِئت المؤسسات الثقافية من جامعات ومراكز لدفع عجلة الثقافة إلى الأمام .
ومن بين الثقافات العالمية ، الثقافة العربية والتي شهد العالم نضج ثمارها ببزوغ فجر الإسلام ، فتصاهرت مع الثقافات الأخرى بمنهجها العادلة الحكيمة ، القائمة على الوسطية والإعتدال ، وذلك مع المحافظة على الثوابت التي لاتزعزعها عواصف الرياح.
ففي امتنا العربية الإسلامية هناك نجوم ساطعة في عالم الثقافة وخدمتها ، جعلت المكتبة العربية عامرة بالمصنفات والمؤلفات مايثبت للقارئ عمق الثقافة العربية وصلتها بالثقافات الآخرى.
ومن بين تلك النجوم الساطعة الباحثة المختصة بالعلوم السياسية سفيرة جزرالقمر سابقا لدى اليونسكو (١٩٩٧-٢٠٠٦م) السيدة الأميرة ثويبة بنت السيد عمر بن السلطان السيد علي المسيلي آل باعلوي.
لقد أثبتت موقفها من جديد الداعم للثقافة العربية الإسلامية التي يعتز بها ، فكان ذلك عند اختيار شخصية جدها من جهة الأب السلطان السيد علي بن السلطان السيد عمر للكتابة حولها ، نظرا لمايتنيز به جده السلطان السيد علي من علاقة قوية ومتينة مع العمانيين الذين كانوا سلاطين في جزيرةزنجبار المجاورة لجزرالقمر في شرق إفريقيا، فركزت في كتابها المواقف التي اتخذها جده في خدمة الثقافة العربية. منها : دعم الكتاتيب القرانية أيام الإستتمار الفرنسي لجزرالقمر ، وذلك أن الطالب لايدخل في المدرسة الفرنسية إلا إذا قرأ القران الكريم،
منها؛ عدم المساس بالدين الإسلامي ،والشعب القمري على المذهب الشافعي المنبثق من عقيدة أهل السنة والجماعة ،
وهو أول قمري تخرج من كلية الشريعة والقانون في الأزهر الشريف ، فكل ذلك مماقواه لإتخاذ المواقف العظيمة نحو المحافظة على الثقافة العربية الإسلامية أيام حكمه في جزرالقمر.
ومن الجدير بالذكر أن السفيرة الباحثة السيدة ثويبة فترة وجودها في اليونسكو أظهرت أمام العالم صورة للثقافة العربية من خلال القضايا المختلفة في المنظمة . وبع احداث ١١ سبتمبر الإرهابية على الولايات المتحدة الأمريكية قامت على منبر اليونسكو بدعم مبادرة المملكة العربية السعودية على إنشاء مجلس أعلى لمقاومة الإرهاب ، فهي كسفير مسلمة وعربية -مع الحادثة المؤلمة - من تشويه ديننا الحنيف أن تدافع بحزم وثبات موقف السعودية ومبادرتها انطلاقا من إيمانها القوي من أن الإسلام لايعرف الإرهاب في شيء ، والمملكة منبع الوسطية والإعتدال ومشعل النور الإلهي الذي أضاء للكون جميعا .
فعلاقة الأميرة السفيرة الباحثة ثويبة مع المملكة امتدادها من أيام جدها السلطان السيد علي ، حيث كان يكثر من زيارة الحرمين دائما ، وبقيت العلاقة مع ابنه الأمير السيد إبراهيم الذي حكم جزرالقمر بعد الإستقلال ١٩٧٥م وتوفي بعدذلك بثلاثة شهور أثناء آدائه لمناسك الحج ، فقام الملك خالد بن عبد العزيز - رحمه الله- بإرسال الجثمان إلى جزرالقمر بطائرة ملكية خاصة ، كل ذلك ترك في أسرة السلطان السيد علي أثر كبيرا نحو الحب والتقدير للملكة العربية السعودية.
والكتاب بصددطباعته باللغة العربية وسيصدر قريبا بإذن الله تعالى ليعلم القارئ البيئة العربية الإسلامية التي نشأفيها السفيرة والباحثة فاستطاعت أن تجعلها تحافظ على ثقافتها العربية الإسلامية وتختار الكتابة عن جدها :السلطان السيدعلي آخر سلاطين جزرالقمر .
إمام وخطيب المركز الثقافي الإسلامي بدرانسي شمال باريس في فرنسا