ارتكازها في وسط الأرض , وتمحور الأرواح حولها, واستدارة القلوب والأجساد عليها , وارتباطها بالسماء حيث البيت المعمور , واتجاه بوصلة المسلمين نحوها , واحتشاد المدائن وعمرانها بقربها , وأول بيت للبشر يربطهم بالسماء ؛ كلها خصوصيات تظفي قدسية لقدسيتها وجلالا الى جلالها فإذن لاجديد يمكن أن أقدمه في هذا السياق .
الجديد الذي أبهر النواظر وزادها شخوصا نحوها , هو ذلك المشهد الذي تجسد أمامنا بعفوية استثنائية باستثناء الزمان والمكان , وذلك عندما هبت نسائم الرحمة أثناء تبديل ثوب الكعبة الشريفة فتطايرت أثوابها كاشفة بهاء يختفي خلف الأثواب , فذلك السبك العجيب للبناء ( كالبنيان المرصوص ) وتلك اللبنات المنظومة , وذلك الشكل الهندسي الباهر , وكأنما هي رسالة وصورة رمزية تنطلق من جدران قبلتنا لتقول للطائفين والقائمين والركع السجود : هذا بنائي وهذه لبناتي متراصة منظومة كالعقد الواحد أشمخ بها نحو السماء , فاليكن بناؤكم كبنائي واصطفافكم كاصطفاف لبناتي واتجهوا نحوي خمس مرات وانتم صادقين , حتى تشمخوا مثلي نحو السماء .
اليتك يانسمة الهواء عصفت بالأستار من زمن حتى نستلهم رسالة الجدران ونعي حجم خطر الفرقة والاختلاف , وياليتك أيتها النسمة لم ترحلي سريعا حتى تتفتح آذاننا من صمم الفتن , وليتك يانسمة الرحمة لم تعيدي أستارها الا بعد حين حتى نستشعر رمزية الطواف حولها الذي غدى - عند بعضنا – مجرد استدارة حول بناء مربع الشكل مكتسي بالسواد المذهب , وليتك يانسمة الخير كنت عاصفة جائحة تقتلع الحقد الأزلي وتغسل رانه من قلوب الذين يتزلفون بتعظيم البيت العتيق ويريدون أن يدنسوا نقاء وطهر الجهود التي تبذلها حكومة المملكة العربية السعودية لخدمة قاصدي بيت الله العظيم ومسجد رسوله صلى الله عليه وسلم والمشاعر .
لم يعد لدي ما أسطره سوى أن أقول : فلْنخجل من أستارها التي جملتها وكشفت سوآت أكثرنا , ولنطأطئ رؤسنا مهابة من عتابها الجارح لنا , ولننصف بالدعاء الخالص حكومة تشرفت بالخدمة الجليلة والبذل الفاره لضيوف الرحمن ولم تأبه بافتراءات التدويل .
توفيق محمد غنام