تشرفت مساء البارحة الجمعة ١٠صفر١٤٤٠هـ بزيارة محافظة العارضة في منطقة جازان للمشاركة في اللقاء الأدبي المفتوح الذي أقامته ندوة الأديب والشاعر الأستاذ حمد بن عبدالله العقيل في منزله العامر هناك، وكم كانت سعادتي كبيرة وأنا ألتقي بِقامات الأدب والفكر والإبداع في منطقة جازان الذين توافدوا إلى ذلك المكان بدعوة كريمة من شاعرنا وأديبنا الأستاذ حمد وحضر اللقاء سماحة الشيخ أحمد بشير معافا قاضي التمييز سابِقًا وعضو مجلس منطقة جازان سابقًا وحضر اللقاء أيضًا سماحة الشيخ والأديب أحمد علي حمود حبيبي عضو مجلس منطقة جازان سابقًا وأيضًا سعادة رئيس نادي جازان الأدبي الشاعر حسن الصلهبي وكوكبة من أُدباء وشُعراء ومُفكري منطقة جازان، وكان لقاءً رائِعا وحِراكًا ثقافيا متميِّزا في أمسيةٍ لامست جماليّات الطبيعة الساحرة لتلك المحافظة الحالمة من محافظات منطقة جازان .
العارضة تمتاز بأنها تجمع بين تضاريس الجبال والسهول والوديان ، وتجمع إلى جانب جماليات المكان وتنوع تضاريسه بساطة الإنسان وجماليات أرواحِهم التي سحرتنا ولامست قسماتِ أرواحنا ، تنوعت الفقرات بين قصائد وكلمات وتحدَّث أغلب الحضور، وكُرِّم في اللقاء بعض الشباب الفاعلين في خدمة المجتمع في تلك المحافظة، وهذه الندوة عبارة عن ديوانية ثقافية يتبنَّاها أبناء الشيخ العلَّامة القاضي عبدالله بن عقيل رحمه الله نائب رئيس مجلس القضاء الأعلى سابقًا، وهو أحد العلماء الذين خدموا سلك القضاء في المملكة وفي منطقة جازان أكثر من نصف قرن، وأحد أبناء هذا الوطن الشامخ الذين لهم إسهامات كبيرة في مجال العلم الشرعي وخدمة المجتمع والإشراف على السلك القضائي في المملكة العربية السعودية.
فشكرًا للأستاذ حمد العقيل واسعدنا تلبية دعوته الكريمة ، وشكرًا لكل من أسس ونظَّم وأشرف على هذه التضاهرة الثقافية الرائعة .
وهذه الندوة المباركة هي إحدى الدِّيوانيات الثقافية في المملكة العربية السعودية ومثلُها كثير من الدِّيوانيات في محافظات منطقة جازان وفي مدن المملكة كافَّة، وهي تؤَدِّي رسالة ثقافية وتنويرية في مجتمعنا السُّعودي، وينتج عنها حراك أدبي وفكريّ يسهم في الرقي بمجتمعِنا ثقافيا وفكريا، وتعمق قيم الإنتماء الوطني في نفوس أبنائنا الشباب، وتسهم في خلق أجيال واعده تواكب النهضة الثقافية التي تتطلع إليها المملكة العربية السعودية من خلال الرُّؤية الثلاثينية الخلَّاقة التي ترتكز على أجيال مثقفة وقادرة على تحمل مسؤوليات وتطلعات قيادتنا الرشيدة ، والسير بمواكب النهضة الفكرية والثقافية والإقتصادية والتنموية القادمة، بإذن الله تعالى.
وفي منطقة جازان ثلاث عشرة محافظة، وكثافة سكانية كبيرة جدًّا، وعدد كبير من الشعراء والأدباء والمثقفين يقدرون بالآلاف، ومما قيل في ذلك ( الشعراء في جازان أكثر من الناس ) وهي حقيقة ثابتة ،وهم يتوزعون في أماكن متباعدة وتضاريس مختلفة،عبرمحافظات المنطقة وجبالها وسهولها، وفي محافظة ضمد وحدها اكثر من ثمانين شاعر وأديب من الجنسين وكذلك بقية محافظات،
لكن في المقابل لا يوجد في المنطقة إلا نادي أدبي واحد وجمعية واحدة للثقافة والفنون في مدينة جازان الأم، وهي لاتستطيع لوحدها توفير الخدمات الثقافية الضرورية، وطباعة المنتج الثقافي وفرش المساحات الهامة ثقافيا الا لجزء قليل جدا من شعراء ومثقفي المنطقة لا يتجاوز 10% ، وذلك بسبب الزخم الكبير لشعراء المنطقة وأدبائِها الذين يبلغون الآلاف ويتوزعون في كافَّة محافظات المنطقة الثلاث عشرة .
ووزارة الثقافة عليها مسؤولية وطنية تتمثل في مد الجسور إلى كافة محافظات جازان، وهو جزء مهم من مسؤولياتها التي أُنيطَت بها، لأنها المظلة الرسمية للأدب والفكر والإبداع في كافة أنحاء المملكة وهي الأب الروحي لجميع المثقفين ومن مسؤولياتها أن تأخذ بأيدي الشباب المثقف وتفرش لهم المساحات اللازمة وتقدِّمهم كنماذج مضيئة يحملون رسالة الأدب، ويرتقون بقيم الإنسان العليا في المجتمع .
ومن خِلال ما سبق ذكره نأمل وننتظر من وزارة الثقافة مشكورة أن تفعل لجان المحافظات في الأندية الأدبية وجمعية الثقافة والفنون وأن تبادر في إنشاء المراكز الثقافية في محافظاتِنا فنحن كمثقفين في حاجةٍ ماسة وضرورية لإقامة تلك المراكز الثقافية في محافظاتِنا ، فأين نذهب اذا لم ترعانا وزارة الثقافة ادبيا وفكريا، وليس لنا جهة أخرى غيرهم ترعانا وتنظم حراكنا الثقافي ومناشطنا الإبداعية.
وإذا تبنَّت الوزارة إقامة تلك المراكز الثقافية في محافظاتنا وفعلت لجان المحافظات في النادي الأدبي وجمعية الثقافة والفنون، ستنخرط كل الدِّيوانيات الأدبية الكثيرة في مدننا وقُرَانا تحت مظلتها، لتكون بيت المثقف الأول، وتسهم في رعاية وتطوير منظومة الأدب والثقافة والإبداع في كافة المحافظات، فهي الطريقة الحضارية الأمثل لاحتضان شبابنا المثقف وأدبائنا وشعرائنا ،وهي الأسلوب الامن فكريا لصنع مستقبل اجيالنا الواعدة واقلامنا المبدعة , المساحات التي تتيحها تلك المراكز الثقافية هي خير بألف مرة من المساحات التي تتيحها فضاءات المواقع الاكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي التي تموج بمخاطر فكرية كبيرة من الإلحاد والتطرف الرديكالي.
1 comment
1 ping
حسين حنشلي
20/10/2018 at 12:52 م[3] Link to this comment
شئ رائع هذه اللحمة الجميلة والتجمع الأدبي الكبير
شكرًا أستاذ أحمد على المقال الذي نقل صورة مميزه عن تلك التظاهرة الرائعة