سبع مئة عقل متقد بالطموح والإصرار والعزيمة تداعوا من كل أنحاء المملكة , ومعهم خبراء ومعلمون من أكثر من خمسين دولة , احتشدوا بقاعات فندق رافال بالرياض خلال الفترة من 16 – 18 / 12/ 1439هـ تحت مظلة المنتدى الدولي للمعلمين برعاية وعناية من معالي وزير التعليم , وشرفت بأن أكون ضمنهم أزاحم التميز بمعول البناء .
كان المنتدى فكرة وإدارة وتنظيما في غاية الاحترافية فقد لاحت ملامح نجاحه قبل أن ينبلج فجر يومه الأول . لذا لن أسهب في تفاصيل جمال الضيافة وحسن الاستقبال والترحيب والتنقل الانسيابي من السكن المعد حتى موقع الحدث .
في يومنا الأول حضر صاحب المعالي وصحبه الكرام وخلال الافتتاح ألقى الوزير كلمته الضافية , رحب بالضيوف والمعلمين الكرام , ثم بدأ السيد أندرياس سليشر – رئيس قطاع التعليم بمنظمة OECD بمحاضرته عن ( تهيئة الطلاب للمستقبل ) عرج بنا على الرقمنة في التعليم والتعلم وضرورة تسليح المتعلمين بها , ليحرزوا تقدما في مجتمعاتهم ويكونوا منفتحين يصنعوا الإبداع والتميز , وأن التقنية العظيمة تخلق تعليما عظيما , وعلى المعلم السعودي أن يكون لديه تفكيرا تساؤليا .
ثم تحلقنا في ورش عمل كل ورشة قوامها سبعين معلما يعرض لهم أربعة خبراء من خارج الوطن تجاربهم في إحدى المحاور العشر للمنتدى ابتداء من : تعليم مهارات القرن 21 وانتهاء باستخدام التقييم للتعليم والتعلم , كل يوم تنعقد عشر ورش نقاش لمدة الساعة .
تنشطر بعدها تلك الورش إلى مجموعات تركيز كل مجموعة قوامها سبعة عشر معلما , يلتئمون مع خبيرين في البحث وتبادل التجارب حول ذات المحور لمدة الساعة ونصف الساعة , عقب ذلك تبدأ استراحة المحارب , حيث صلاة الظهر والغداء حتى الثالثة مساء , لنعاود الكر والفر بورش نقاش عن موضوع آخر قرابة الساعة ثم تبدأ مجموعات التركيز حتى السادسة مساء حيث تنفض الناقشات ونشرع في الاستماع لملخص عن ذلك اليوم العاصف بالمناقشات والتجارب والخبرات .
في صباح اليوم الثاني كان الحال مشابها لليوم السابق فوزيرة التعليم النيوزلندية السابقة كانت المتحدث الرئيس حيث روت حكاية الإصلاح النيوزلندي في التعليم , فذكرت بأن الإصلاح تشكل في عدة قوالب منها : التشديد على إشراك الأسرة في سير المنظومة التعليمية , وتشكيل المجتمعات التعليمية , وإقامة المنتديات . عقب ذلك عادت المجاميع تنتظم في ورش النقاش ثم مجموعات التركيز , وبعد فترة الراحة عاودنا الركض حتى السادسة مساء .
في اليوم الأخير كان كل شيء مختلف ؛ نفوس الجميع تشرئب للبقاء وعقولهم تزاحم الأفكار المتجددة والمتجاذبة وغصة الرحيل ترتسم على الوجوه ؛ بدأت فعاليات اليوم بشكل عادي كانت البارونة: سوزان قرينفيلد – عضو مجلس النواب البريطاني - تتحدثت عن ( مستقبل الدماغ ودماغ المستقبل ) حلقت بنا نحو كوارث الألعاب الالكترونية على أدمغة الأطفال والتي تم مؤخرا في منظمة الصحة العالمية تصنيفه كاضطراب بمسمى : اضطراب الألعاب الالكترونية . ومنها اتجهت نحو الدماغ وأجزائه التي تتضخم كلما تحفزت نحو التفكير ومنها الحصين , كما نحت نحو مايسمى : بالتوحد الافتراضي كنتيجة طبيعية للإدمان الالكتروني عند الأطفال والذي يكون نتيجة لافراز مادة الدوبامين التي تتزايد مع تزايد الإدمان .
تواصلت فترتي المنتدى الصباحية والمسائية حتى الرابعة والنصف حيث شرفنا معالي الوزير بالحضور واختتام المنتدى بعد أن شاهد العروض الختامية للمجموعات مباركا لها . بعدها تقاطرت مواكب المعلمين والمعلمات على أبواب فندق رافال آفلة بالتجارب والخبرات وعاقدة العزم والعزيمة لنقل أثرها في الميدان ..
وختاما يروق لي أن أطرح سؤالا : ماذا لو ؟؟؟
ماذا لو نظم المنتدى في العام المقبل ؟ مالذي سيكون في جعبتي لأقترحه على كل ذي مسؤولية فيه ؟ أقول : سأخرج من جعبتي لهم مايلي :
٠ لابد وأن يحضر الجزء الآخر من التعليم وهو التعليم العالي أساتذة وطلابا وباحثين حتى تكتمل الحلقة .
٠ لابد وأن تحضر المشكلات السلوكية والمشكلات التربوية جمعاء في المنتدى وان تطوع التكنولوجيا للتعامل معها .
. لابد وان تحضر الخبرات السعودية بقوة وان تصدر خبراتها للخبراء الأجانب كذلك .
٠ لابد وأن تتألق الخبرات البينية بين المعلمين من خلال إتاحة فرص أكبر للنقاش وعرض التجارب .
إنعطافة قلم : ما أجمل التميز وما أبهى الإبداع وما أعظم المبدعين والمبدعات وما أرق الرياض ...
توفيق محمد الغنام