في ظني أن هذه الصفة والموصوف بها لا يعرفها الكثير من الناس ولكنها في عامية السعودية أو نجد بالأخص يعرفونها جيداً وهي بثِرَ يَبثَر ، بَثَرًا وبَثْرًا وبُثورًا ال "بثر" وهي من "البثور" وتعني في الاصطلاح الكيس الدهني الصغير الذي يظهر في الوجه، و يقال "بثر في اللهجة الشعبية السعودية" بأنه: "الشخص الفض ، الغثيث و الذي ينشب لك وتلقاه بكل مكان، ويصير ثرثار ما يسكت أبد) ، وهو من الشخصيات المحبوبة والمطلوبة في بعض الوظائف إلا انه مطلوب فقط للوظيفة التي يعمل عليها فهو مناسب جداً لتحصيل الديون ، أو لرفع حدة المناقشات في التفاوض لايقاع الخصم في الخطأ، أو هو أداة تستعمل في إيصال ما لا يستطع ( جنتلمان ) توصيلها . وقد يتمتع بأداء جيد في حدوده ، والأكيد أنه يتمتع بثقة عالية على نفسة ، لا تنعكس على بقية الموظفين ، فكون الثقة والأداء هما عنصران مهمان في الموظف للمحافظة عليه ، إلا أن الموظف ( البثر) سيساهم على المدى البعيد في زعزعة ثقة الموظفين في انفسهم ومن ثم في المنظمة ، وبالتالي سيؤثر ذلك في تعاملات المنظمة الداخلية والخارجية .
الثقة : تعني الاعتقاد بصدقية ونزاهة وموثوقية الآخرين، والاعتماد عليهم في القيام بالواجبات والمسؤوليات المختلفة. إن وجود الثقة يشجع على التعاون والتواصل الفعال، ويساهم في تقليل الصراعات وزيادة الانسجام والتفاهم بين أعضاء المنظمة. فعندما يكون هناك ثقة بين الأعضاء، يشعرون بالراحة والأمان في بيئة العمل، مما يعزز إنتاجيتهم ومشاركتهم الفعّالة في التحديات والمبادرات الجديدة وافتقادها بتأثير أي مؤثر سيكون أثره العكس تماماً .
والسؤال هل المهم في الموظف الثقة أم الأداء ؟ سؤال قد تبدو الإجابة عليه ببساطة أن المهم في الموظف أن يكون عالي الأداء ولا يهم انخفاض مستويات السلوك والتعامل مع الاخرين حيث يم كن تصنيف الموظفين وفقًا لسلوكهم في التعامل مع الآخرين. في هذا السياق، يمكن تحديد فئات الموظفين استنادًا إلى مستوى أدائهم وثقتهم وأسلوبهم في التعامل، ومن بين هذه الفئات:
1. الموظفون ذوو الأداء العالي والثقة العالية والأسلوب الودود: هؤلاء الموظفين يتمتعون بمهارات عالية في الأداء ويثقون بقدراتهم الشخصية والمهنية، ويتعاملون بأسلوب محترم وودود مع الآخرين
2. الموظفون ذوو الأداء العالي والثقة المنخفضة والأسلوب الحاد: يتميز هؤلاء الموظفين بأداء عالي ولكنهم غير واثقين من قدراتهم، وربما يستخدمون أسلوبًا حادًا أو قاسيًا في التعامل مع الآخرين، وذلك لتعويض ضعف الثقة الشخصية
3. الموظفون ذوو الأداء المنخفض والثقة العالية والأسلوب الودود: قد يكون لديهم ثقة عالية في قدراتهم ولكن أداؤهم غير مرضٍ، ويتعاملون بأسلوب ودود ومحترم مع الآخرين
4. الموظفون ذوو الأداء المنخفض والثقة المنخفضة والأسلوب السلبي: هؤلاء الموظفين قد يعانون من ضعف في الثقة بأنفسهم وأدائهم، ويتظاهرون بأسلوب سلبي أو معادٍ في التعامل مع الآخرين.
ولايضاح الأهمية الثقة تؤثر على الأداء وأن زعزعتها سوف تؤثر على المنظمة تحرص البحرية الامريكية في اختيار عضو في الفريق على مقياس الثقة والأداء يتم تقييم أدائه وثقته باستخدام النهج الرسمي التالي:
1. الرسم الرأسي - الأداء: تُستخدم المحاور الرأسية لرسم بياني الأداء لتقييم أداء الضابط على أساس المهارات والأداء المطلوب في الوظيفة. يمكن أن تشمل المحاور الرأسية معايير مثل التنفيذ الفعال للمهام، القدرة على اتخاذ القرارات الصائبة في ظروف صعبة، القيادة الفعالة للفريق، والتواصل الفعال. يتم تقييم أداء الضابط على هذه المحاور وتحديد المستوى الذي يتمتع به في كل منها.
2. الرسم الأفقي - الثقة: تُستخدم المحاور الأفقية لرسم بياني الثقة لتقييم مستوى الثقة التي يحظى بها الضابط داخل وخارج أرض المعركة. يمكن أن تشمل المحاور الأفقية معايير مثل الثقة في قدراته الفنية والتكتيكية، الثقة في قدراته القيادية واتخاذ القرارات الصائبة، والثقة في قدرته على التعامل مع التحديات والظروف الصعبة. يتم تقييم مستوى الثقة للضابط على هذه المحاور وتحديد المستوى الذي يتمتع به في كل منها. باستخدام هذا النهج، يمكن أن يتم تقييم الضابط على محوري الأداء والثقة بشكل مستمر على مدار فترة خدمته. يمكن رسم بياني الأداء والثقة لهذا الضابط بناءً على النتائج المستمدة من عمليات التقييم المستمرة.
كما أن هناك عدة مقاييس يمكن استخدامها لقياس مستوى الثقة في المنظمة. من بين هذه المقاييس: - مقياس الثقة بين الزملاء: يستخدم لقياس مدى الثقة بين أعضاء فريق العمل والتعاون بينهم. - مقياس الثقة بين المدير والمرؤوس: يقيس مدى الثقة بين المدير والمرؤوس وتأثيرها على الأداء والارتباط الوظيفي. - مقياس الثقة في القيادة: يقيس مستوى الثقة بين القادة والموظفين وتأثير ذلك على الالتزام والأداء العام. 4. مقاييس قياس الأداء: لقياس الأداء، يمكن استخدام مجموعة متنوعة من المقاييس والمؤشرات، بما في ذلك: - المؤشرات المالية: مثل الإيرادات، والأرباح، والنمو السنوي، والعائد على الاستثمار، وغيرها. - المؤشرات العملية: مثل معدل الإنتاجية، وجودة المنتجات أو الخدمات، ومعدلات الخطأ أو العيوب، وزمن التسليم، وغيرها. - قياسات رضا العملاء: مثل استطلاعات رضا العملاء، ونسبة العملاء المستمرين، والتوصيات الإيجابية.
بناء الثقة وتعزيزها يسهم في تعزيز الأداء الفردي والجماعي، ويؤدي إلى تحقيق نتائج أفضل وتفوق مؤسسي. لذا، يجب أن تكون إدارة المنظمات على علم بأهمية الثقة وتعزيزها من خلال إقامة بيئة عمل مؤاتية، وتعزيز التواصل والتعاون، وتوفير الدعم والتشجيع لأعضاء المنظمة
إن الموظف ( البثر ) قد يحقق غايات لحظة وآنية إلى أن تأثيره قاتل ومميت للمنظمات على المدى البعيد يفعل كما تفعل السوسة :فالموظف ( البثر يحتاج الى بتر )..
تحياتي
د. عثمان عطا