خلق الله الإنسان ليعيش مع غيره دون النظر إلى لون أو انتماء ، فجاء التكريم الرباني للإنسان أن النفس البشرية من أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا .
لقد جاءت رسالة الإسلام بتعاليمها السمحاء في خدمة الانسانية ، وذلك من خلال النصوص الشرعية من الكتاب والسنة.
عند ما نعود إلى القرآن الكريم نجد أن الله أرسل رسوله وشهد له برحمة وعالمية رسالته فقال ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين).
ويؤكد لنا النبي صلى الله عليه وسلم في توجيهه للمسلم في الجانب الاخلاقي فيقول (إتق الله حيثما كنت ، واتبع السيئة الحسنة تمحها ، وخالق الناس بخلق حسن ، ) فالتعامل مع الناس صفة عظيمة حيث النبي صلى الله عليه أطلق لفظ ( الناس) ليعم المسلم وغير المسلم .
ومن هذا المنطلق اتخذت المملكة العربية السعودية منذ تأسيسها على يد الملك عبدالعزيز ال سعود-رحمه الله-إلى مقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الامين الامير محمد بن سلمان -حفظهما الله -موقفًا عظيما في خدمة الانسانية جمعاء ، فتجلى ذلك عبر عهود ملوك المملكة العربية السعودية.
واليوم مع هذا العهد الميمون بقيادة سلمان الخير ومحمد العزم نرى أن العمل الإنساني في المملكة يفوق الوصف ، فلنتذكر أزمة كورونا عند ما ظهرت جهود المملكة العربية السعودية في مواجهتها من الداخل والخارج ، فجهزت المستشفيات والمراكز الطبية بانواعها المختلفة دون تمييز بين مواطن ومقيم وزائر .
وفي الخارج أرسلت الطواقم الطبية إلى أوروبا حيث بلغ عدد الأطباء السعوديين الذين شاركوا في مستشفيات فرنسا وسويسرا وغيرهما لمواجهة أزمة كورونا ٤٦٠ طبيبًا.
إضافة إلى المعدات الطبية التي تم تجهيزها وارسالها إلى العالم مثل فلسطين واليمن وغيرهما ، كل هذه الجهود تأتي في إطار تعزيز دور المملكة العربية السعودية في خدمة الإنسانية.
وما شهدناه في فيضانات باكستان الاخيرة ، وكذلك الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا في بداية هذا العام وموقف المملكة الإغاثي يثبت لنا مكانة المملكة في العمل الانساني الدولي.
وفي هذه الأيام تأتي أزمة الحرب المشتعلة في السودان التي تنادي المملكة العربية السعودية أبناء السودان رمي المصالح الشخصية واتخاذ المصالح الوطنية والشعور بالمسؤولية للجلوس على مائدة المفاوضات للخروج من الازمة التي تدمر البلاد والعباد .
ومن إيمانها العميق بالعمل الإنساني منذ تاسيسها اتخذت موقفا واضحا جدا في إجلاء رعاياها وبقية رعايا الدول الأخرى دون استثناء ، لأنها مملكة الانسانية والتي هي تقف مع الإنسان والدفاع عنه ليبقى مكرمًا معززًا.
وبجهودها المتواصلة تحت توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الامين الامير محمد بن سلمان-حفظهما الله- جهزت المملكة نفسها ماديًا ومعنويًا للعمل الإنساني في السودان ، فبلغ إجمالي عدد الرعايا الذين تم إجلاؤهم من السودان ٣٥٦ شخصًا ، منهم ١٠١ مواطن سعودي ، والبقية من ٢٦ جنسية .
إن السعودية بأفعالها هي التي جعلتها تنال شرفًا كبيرا أمام العالم بأسره ، وهي كل يوم تفتح صفحة جديدة في مواجهة التحديات السياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية ، وستظل ثابتة بمواقفها العظيمة في خدمة الانسانية والدعوة إلى السلام العادل والشامل للعالم أجمع.
بقلم الشيخ: نورالدين محمدطويل
إمام وخطيب المركز الثقافي الاسلامي بمدينة درانسي شمال باريس في فرنسا