لم يكن يدور بخلد اي مراقب للحرب الروسية الاوكرانية حصول هذا التقهفر الروسي والتراجع امام القوات الاوكرانية والتي لم يكن اي محلل استراتيجي ولا حتى قيصر روسيا توقع ان نستغرق الحرب كل هذا الوقت الطويل من دون حسم أو كسر ارادة زيلنسكي ودفعه للهروب وحكومته خارج اوكرانيا وتحوله الى احمد جلبي اوكراني اخر!!
صحيح ان القوات الاوكرانية حصلت على دعم استخباراتي ومعلومات واسلحة متطورة من امريكا واوربا ولكن المفترص ان الجيش الروسي بما يمتلكه من خبرات تاريخية وارث وترسانة اسلحة قوية يكون قد اعد لحرب عالمية وليس لحرب تقليدية مع دولة صغيرة مثل اوكرانيا كانت في الماضي القريب احدى ممتلكات روسيا الشيوعية.
ما الذي جرى في الشهور الأخيرة من تطورات على جبهات القتال؟وما سبب اخفاق جيش بوتين من تحقيق انتصار واضح سواء بكسر ارادة الخصم او اخضاع العاصمة الاوكرانية كييف لسيطرته وقد وصلت قواته عند بواباتها بمسافة لا تبعد سوى عشرة كيلومترات؟
هناك تكتم كبير على خسائر الجيش الروسي في الافراد ورغم التباين بين التقديرات المختلفة لتلك الخسائر فانا اعتقد انها لا تقل عن اربعين الف قتيل وضعفهم من الجرحى وما يعزز هذا الاعتقاد دعوة بوتين للتعبئة العامة الجزئية اضافة الى تعديل مجلس الدوما الاربعاء الماضي قانون التجنيس اذ بات بامكان اي اجنبي يتطوع للقتال مع الروس يحصل على الجنسية الروسية بعد سنة واحدة.!!
كما ان الاخفاق الكارثي والأداء القتالي السيء للقوات الروسية كان سببا وراء اطلاق بوتين ومساعده القوي ميدفيدف تهديدات نووية غاية في الخطورة. فمن المعلوم انه بعيد الحرب العالمية الثانية وماساة هيروشيما وناغازاكي في اليابان جرى ما يشبه العرف الدولي الصارم ان امتلاك السلاح النووي هو للردع والتوازن وان مغامرة التلويح باستخدامه سوف يدفع الكوكب الى جحيم نووي لن تسلم من شضاياه دولة او قارة معينة.
من يستطيع ان يساعد على انزال بوتين من الشجرة بكرامة تليق بحجم روسيا. فالحروب كما يقول ضباط الاركان يشعلهاا القادة المدنيون وليس العسكريون ،لان الاخيرين يعلمون صعوبة انهاءها وماذا تعني خسائرها واثارها المدمرة!!
اتذكر بعد مرور ثلاثة اسابيع على بدء الحرب العراقية الإيرانية حضرت مع اكاديميين وحزبيين في مستوى متقدم لقاءا لنائب الرئيس العراقي الراحل صدام حسين رحمه آلله السيد طه ياسين رمضان رحمه الله في الجامعة المستنصرية ببغداد وساله احدهم هل ان القيادة العراقية أعدت الشعب والإمكانات ان طال امد الحرب؟ فاجاب نعم لقد اعددنا لها حتى لو استمرت ستة شهور لكنها امتدت ثمان سنوات بالتمام؟
لا دولة في العالم من امريكا الى اوربا والعالم باجمعه لم تنله شضايا الحرب سواء في نقص امدادات الطاقة او ارتفاع اسعار الغذاء وتكاليف نقل السلع وكل ذلك يجري مع مسار حرب تقليدية في نطاق جغرافي محدد فكيف لو فقد بوتين صوابه امام التراجع المخيف لقواته وحجم خسارته اضافة الى ان اعلان التعبئة العامة رافقه ازدحام شديد على منافذ الحدود ومكاتب شركات الطيران طلبا لمغادرة روسيا وهو يمثل امرا مهما ان حرب بوتين على اوكرانيا لا تلقى ترحيبا شعبيا داخل روسيا.
ما المطلوب الان لانقاذ العالم من كارثة تورطت بها كل الاطراف الدولية، من لديه القدرة والمقبولية لبذل مساع حميدة بين الجانبين المتحاربين؟
اعتقد لكوني متابع جيد واكاديمي امضى ثلاثة عقود في السياسة علما وتدريسا وممارسة وبضوء النجاح الكبير لولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان في عملية تبادل الاسرى بين البلدين والاشادة العالمية جاءت لتعبر عن فرصة تاريخية للمملكة العربية السعودية وقيادتها في العمل بصبر ومثابرة لانطلاق مساع حميدة ولو خطوة خطوة لنزع صواعق حرب نووية ولو تكتيكية كما يقول البعض واكن الحرب هي الحرب دمار واضرار للبشر ولحجر والاقتصاد والسلام العالمي. ان هناك فرصة سانحة لتدخل الامير محمد بن سلمان اولا لان ثقل المملكة كبير على الساحة الدولية ويحضى بمصداقية ومفبولية من جميع الاطراف ولا باس من تنسيق عدد من الخطوات مع الرئيس التركي اروغان وسوف يكون ذلك اهم انجاز عالمي لمصلحة السلام والامن الدوليين فالامم المتحدة منظمة باتت منبر للخطابة ومجلس الامن مغلول بقيود الفيتو الروسي والصيني وليس هناك سوى مبادرة ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان. مبادرة ذكية تحقق نجاح بالتقاط امرا ممكن يضيف لرصيد المملكة العزيزة على قلوب العرب والمسلمين رصيدا عظيما وهي تحتفل اليوم بيومها الوطني المجيد .. وقالت العرب قديما الذكاء ينتصر على الدهاء!! حسبنا الرئيس بوتين داهية لكنه غرق في اوحال اوكرانيا.
* كاتب واكاديمي من العراق