جراح التجميل والترميم
بعضنا يتذكر قصة الأرنب والسلحفاة وكيف استطاع الأرنب بنشاطه وسرعته الوصول الى خط النهاية قبل السلحفاة البطيئة الحركة القليلة العزيمة! ولطالما استخدمت هذه القصة كمحفز للنشاط والسرعة والإنجاز. هل تساءلت عن حالة الأرنب عند خط النهاية؟ ما شعوره؟ وهو مرهق وبالكاد يلتقط أنفاسه وكم احتاج من وقت ليعاود نشاطه وحيويته بعد هذا المجهود المضنى ليسابق سلحفاة بطيئة كسوله؟ هل استمتع بالرحلة بين خطى البداية والنهاية؟ وهل كانت فعلا رحلة مجديه تستحق العناء؟
ماذا لو اعتقدت السلحفاة أنها هي الرابحة؟ استمتعت بتفاصيل رحلتها مستعملة فيها خطى ثابتة بمجهود محسوب يوصلها الى خط النهاية وهي في كامل حيويتها لتعاود- "نشاطها أو كسلها" النسبي- بدون انقطاع.
لا تكن أرنبا...تسعى فقط للربح في حياتك بغض النظر عما تتكبده من جهد ومال ووقت. لا تنظر ل " منطقة الراحة" بمنطق سلبي يستوجب التغيير. بالعكس استثمرها لتتعلم مهارة جديدة تبنيك أو لتغير عادة هدامة تبنيتها بالتقليد أو التوارث لتجدد غدك وتصنع مستقبلك بجودة أفضل من أمس.
كان التعامل مع مرض والدي بالسرطان أشبه بتعامل الأرنب مع السلحفاة كان كل ما على أن أتبع إجراءات طبية درستها وأكدها لي بعض أصدقاء المهنة...ولكن هل هي مجدية؟ ...كانت الاجابة مغلفة بعدم اليقين. أمضيت أياما في البحث عن مخرج سريع " كالأرنب في السباق" كان هدفي الأساسي محاربة السرطان في جسد أبى بكل السبل. لكن سرعان ما تجلت حكمة الخالق ورحمته. فهذا الجسد الهرم لا يقدر على مضاعفات تلك الإجراءات " التحفظية" من جراحات وعلاج إشعاعي وبالعكس فان روح أبى المقاتل- رحمة الله عليه- كانت دائما تسيطر على ألمه حينما يسأل عن صحته ويجيب مبتسما: "عال بخير الحمد لله" و يعاود مهامه ليقرأ ما يحب و يطمئن بالسؤال عن عائلته و أصدقائه.
خلقت الهزيمة لتستعيد النفس أدوات النصر وخلق اليأس ليتوقف بك الزمن ولو للحظات ليرغمك على النظر في داخلك المهمل لتصلح ما به من أعطاب.
الحكمة من الرحلة هو الاستمتاع بها وجعل كل يوم أفضل مما سبقه بدون افناء للذات. فأرواحنا لم تخلق كي نصرعها ونعذبها في سباق ضار معلوم النهاية. واعلم أن رحلتك خلقت هكذا.. فرح يعقبه حزن ودمعة تليها ابتسامة ..