ليس من باب الصدفة او الاتهام ان كل من تعاديه الولايات المتحدة الأمريكية يصبح في نظر امريكا وماكينة الإعلام الغربي ديكتاتور.
زرت رومانيا لأول مرة عام 1982 للمشاركة في مؤتمر طلابي نظمته الأمم المتحدة في العاصمة الرومانية بوخارست وكانت البلاد تعيش بهدوء واكتفاء ذاتي وعليها ديون خارجية بنصف مليار دولار، وعندما التقينا بنجل الزعيم الروماني الراحل نيكولاي شاوشيسكو السيد نيكوا نيكولاي اجاب عن سؤال عن وضعية علاقتهم مع امريكا بانها مستقرة لا صداقة ولا عداوة. وبعد ان انتهج الزعيم الروماني سياسات خارجية واقتصادية تتعارض والتوجهات الأمريكية منها انضمامه الى منظمة دول عدم الانحياز ودعم حقوق الشعب الفلسطيني والقضايا العربية العادلة واسس لقاعدة صناعية مهمة كانت بواكيرها اهم مصنع لانتاج طائرات الهليكوبتر المسلحة وتنمية الزراعة شرع الاعلام الامريكي بمهاجمة رومانيا ورئيسها ودعمت المخابرات الأمريكية منظمة مجتمع مدني لتأليب الشارع ضده وتنظيم احتجاجات وجندت مرتزقة قاموا بقنص عدد من المحتجين لتطالعنا صحيفة الواشنطن بوست بمانشيت ديكتاتور رومانيا يقنص المحتجين السلميين في بوخارست،
وفي كوريا الشمالية بات الزعيم الكوري ديكتاتورا لانه يناهض السياسات الامريكية، انها صناعة اعلامية امريكية احترافية وهي شيطنة القادة المناوئين لمصالحها مثلما جرى للرئيس العراقي الراحل صدام حسين اذ تجندت كل وسائل الاعلام الغربية لشيطنة النظام العراقي السابق متناسية كل ما صنعه من منجزات لشعبه من تقدم ونهضة علمية وصحية كانت موضع تكريم اليونسكو ومنظمة الصحة العالمية بمعنى ان من يقف امام توجهاتنا ويتخذ منهجاً استقلالياً فهو ديكتاتور ومنبوذ ويستحق العقاب واصبح يقتل شعبه.
من قبل كان الزعيم الراحل جمال عبد الناصر في مصر وتيتو في يوغسلافيا وبومدين في الجزائر وفي افريقيا لومومبا ونكروما والقذافي وسواهم جميعهم حكام مستبدين ، كما امسى الرئيس السوري بشار الأسد ايضا بين ليلة وضحاها وتغيرت وظيفة السفير الامريكي السابق في دمشق من دبلوماسي الى داعية ديموقراطي.
ماكينة اعلامية رهيبة يشترك في تشغيلها خبراء في السياسة والاقتصاد والحرب النفسية وعلم الاجتماع والدعاية المهم ان تسحق الدول التي تبني انموذجها التتموي وتتحول الى دول فاشلة، عندما اجبر الزعيم الصومالي الراحل محمد سياد بري على الرحيل من بلده بعد نزاعات عرقية وقبلية حركتها امريكا بسبب وقوفه الى جانب المعسكر الاشتراكي الصقت به أيضا صفة الديكتاتور الذي نهب ثروات شعبه وقف امام القصر الجمهوري وهو يهم بمغادرة بلده الى الجارة كينيا لاجئا خاطب من حوله : اذا كانت مشكلتكم الديكتاتور فهو الان راحل عنكم ولكنهم سيصنعون لكم الف ديكتاتور وستبكون دماً على سياد بري، ومات الزعيم الصومالي في شقة بائسة في العاصمة الكينية نيروبي وتكفلت احدى الجمعيات الخيرية بتكاليف دفنه بعد ان شيطنه الاعلام الامريكي واتهمه بسرقة ثلاثة مليارات دولار بينما كانت كل ميزانية الدولة السنوية لا تتجاوز ثلاثمائة مليون دولار، وهي نفس الدعاية التي روجوها عن الرئيس صدام حسين بانه اودع ستون مليار دولار في حسابات سرية ببنوك الغرب ليتبين بان الرجل لا يملك من حطام الدنيا لا املاك ولا اطيان بل حتى لا يملك داراً بإسمه كما صرح بذلك حيدر العبادي رئيس الوزراء بان الرئيس صدام ليس عنده املاك وقصور او ارصدة فكل ما وجدناه مسجل باسم الدولة!! وارصدته المليارية اكذوبة مصنوعة لتشويه تاريخه السياسي الناصع بينما المسافة التي تفصل اكبر سفارة أمريكية في العالم في المنطقة الخضراء عن بيوت ومقرات الحكام الفاسدين عن مائتي متر ونهبوا ازيد من تريليون دولار لم تطلق عليهم كلمة واحدة أو تصف نوري المالكي الديكتاتور وتحتفل به في البيت الابيض ثلاث مرات ..ليس المهم ان تكون سارقاً او قاتلاً او ناهباً للمال العام المهم ان لا تعترض او تقف امام السياسات الامريكية.
امس اتابع نشرة الاخبار الرئيس الأمريكي بايدن يعلن عن اتصالات مباشرة مع القيادة السورية وعلى اعلى المستويات بحجة العمل على اطلاق سراح سجين امريكي في نفس التوقيت يعلن وزير الخارجية التركي بعد اول لقاء له مع وزير الخارجية السوري فيصل المقداد عن اعادة النظر في السياسة التركية نحو سوريا، انها لعبة المصالح تذهب ضحيتها بلدان مستقرة وزعامات مهمة.
لا تصدقوا ما يقوله ساسة امريكا و الاعلام الامريكي والغربي فبعد ان كان الرئيس الروسي بوتين صديق حميم للغرب وميركل وبريطانيا بات اليوم في الاعلام الغربي يلقب بالمجرم والديكتاتور والقاتل بدم بارد.
* كاتب واكاديمي من العراق