اهتم المتابعون للشان السوري بما جاء في كلمة ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان في قمة جدة وبحضور الرئيس الامريكي بايدن عندما اكد على ضرورة البحث عن حلول واقعية للأزمة السورية وهو تطور لافت في الخطاب السياسي السعودي، صحيح انه ايضا ذكر ليبيا ولكن ليبيا رغم تفكك النظام السياسي وتمزق الدولة إلا ان الوضع في سوريا مختلف جدا، فليبيا لا تعاني من عقوبات اقتصادية تخنقها كما هو حال سوريا التي فرضت عليها الادارة الامريكية واوربا عقوبات قاسية خنقت شريان الحياة وطالت كل شيء حتى رغيف الخبز للمواطن السوري بموجب قانون يمثل انتهاكا لمبادىء حقوق الانسان والكرامة الانسانية، لم يعد هناك حجة تقال ضد سورية فالدولة السورية حاربت الارهاب الذي يشكل قاسما مشتركا للتحالف الدولي والدول الحرة فانتصرت الدولة السورية وحافظت على وحدة سوريا وسيادتها رغم وجود احتلال تركي وامريكي في مناطق من شمال وشرق البلاد ولكن الدولة استعادت السيطرة التامة والقيادة السورية حريصة على استعادة مكانتها التاريخية المعروفة في دعم روابط العمل العربي المشترك. نحن نقف امام اشكالية ازدواجية السياسات العربية ازاء الحكومة السورية والتي تجاهد في سبيل توفير الاحتياجات الانسانية لشعبها بينما نسمع خطابا عربيا اخر يدعو الى تنفيذ القرارات الدولية ومخرجات جنيف العقيمة والني تهدف الى تحقيق ما عجزت عنه الحرب الكونية من تحقيقه، فالرئيس السوري الدكتور بشار الأسد نجح في الحفاظ على كيان الدولة وابقاء دينامية السلطة والخدمات وسط حرب تعد اشرس حرب ارهابية واجهتها دولة في العالم.
اذا كان اعتراض البعض فقط ينحصر في الاختلاف فى النظر الى بعض سياسات وتحالفات الحكومة السورية فهذه مصالح ومواقف قابلة للنقاش والتعديل والتوضيح لكن الصمت العربي امام معاناة الشعب السوري امر يحتاج الى مراجعة جادة وخصوصا من المملكة العربية السعودية وبعض دول الخليج العربي، فاذا كان الاشكال هو العلاقة السورية الايرانية فان المملكة العربية السعودية تتحاور منذ مدة مع ايران ولذا يتوجب على جامعة الدول العربية ان تضع معاناة الشعب السوري الشقيق والذي وقف دوما مع امال والام امته العربية بان نشهد تحرك عربي يفرض معادلة جديدة في اعادة تشكيل المواقف ورسم سياسات واقعية. اظن ان دمشق التي سكنت قلوب العرب وملهمة التاريخ تنتظر من العرب موقفا يعيد الامور الى نصابها.
.
.
.
.
* كاتب واكاديمي من العراق استاذ القانون والنظم السياسية في جامعة الاخوين في افران المغربية