في يوم من الايام سمعت صوتاً يناديني خرجت من منزلي الصغير لإستكشاف مصدر هذا الصوت فكلما اقتربت منه احسست بابتعاده عني وكلما هممت بالرحيل يعود الصوت ليناديني مرة اخرى وانا امشي ورائه وكأنني مسلوبة الإرادة امشي بخطاً ثقيلة وكأن الأرض تبتلع قدمي واخذت حذائي تضيق ذرعاً بقدماي فقمت بنزع حذائي حتى أكمل رحلة بحثي عن مصدر ذلك الصوت كانت ملابسي طويلة فأصبحت اقصر كلما تقدمت خطوةً للامام انهكتني المسافة وامتلكني شعور بالعطش الشديد فرأيت نهر صغير طرت إليه مسرعة وبينما أنا اشرب واذا بي أرى انعكاس وجهي على سطح الماء اصبح شعري منكوش وضفائري الطويلة قد اصابها الاعياء والتعب هي ايضاً أصبحت قصيرة مرهقة شعثاء مغبرة اخذت خطواتي تسير وتسير إلى أن وصلت إلى باب بيت مهجور تكاد حجارتة أن تبكي من فقد من كانو بها فتحت باب ذلك البيت ودخلت وكأنه كان يناديني على الرغم من منظره الكئيب والمخيف إلا أنني لم اشعر بالخوف ابداً وكأنني على معرفةً به كنت أتسائل عن سر ذلك الاحساس الذي ينتابني دخلت ونظرت الى كل زاوية فيه بشكل مستمر وكأنني اتفحص كل ركن فية رغم الاضاءة الخافته إلا أن قدمي تعرف الطريق الصحيح إلى كل ممر يسكن ذلك البيت فتحت باب غرفة جانبية صغيرة احسست بشعور الألفة لتلك الغرفة ونظرت في داخلها وإذا في زاويتها توجد مرآة صغيرة ذهبت إليها رأيت ملامح وجهي الصغير قد كبرت وفيها من التجاعيد والاحزان مايخرص اللسان عن الكلام افزعني هذا المنظر وتراجعت إلى الوراء شيئاً فشيء وإذا بقدمي تصتدم بباب الخزانه الموجودة في الغرفة فالتفتت نحوها ببطء كان الباب مغبراً وقد اتخذت منه العناكب مغزلاً تحيك فيها بيوتها ففتحت باب الخزانة فأذا بي أرى ملابسي الجميلة مازالت تحتفظ برائحة عطري فيها واخذت رائحة العطر تنتشر لتملىء ارجاء المكان فعرفت حينها سر إحساسي بالألفة لهذا البيت أنه بيتي وهذة هي غرفتي وأن ملامح جدران البيت الباكية كانت تندب وتعاتب غيابي وعرفت ايضاً سر انسياقي لذلك الصوت الذي يناديني انه صوت أمي وتذكرت حينها إنني خرجت وراء جثمانها الهزيل من شدة المرض راكضةً باكيةً وأن رحلتي ماكانت إلا السنين التى عشتها في عزلةً وكآبة من بعد رحيلها دخلت إلى غرقتي فزعةً متسائلةً
كيف غيرتني كل تلك السنين ؟
كيف خرجت منك صغيرة وعدت إليك بهذا العمر المثقل بتجاعيد ؟
أخذت اصرخ واجهش بالبكاء وأذا بصوت أمي يناديني فتحت عيني في عجلةً وكأن الصوت يخرج من بطن مرآتي تقدمت إليها وأذا بي اراني كما كنت بالأمس صغيرةً جميلةً تعلو شفاهي بسمة البراءة ووجه أمي كان خلفي احسست بدفء جسدها وضعت يديها الناعمتين على كتفي وهي تهمس في أذني كما كانت تفعل دائماً عندما تراني حزينةً باكيةً و قالت لي بصوت حنون مازلتي في قلبي وعيني صغيرةً مهما طالت بك السنين فلا تخافي أنا هنا إلى جانبك نامي بهدوء ولا تحزني فأنا معك ، احسست بالهدوء والطمئنينه ونظرت إلى عينيها فتبسمت لي وهزت رأسها وكأنها تقول لقد حانت ساعة النوم فأغمضت عيني وأنا في قمة السعادة ممسكةً بيديها .
كانت هذة هي حكاية بنت الجيران اليتيمة التى ماتت وحيدةً بالأمس عن عمر يناهز الاربعين لقد ماتت وهي تبتسم فهذة هي قصتها وسر ابتسامتها فهذه القصة من روايات امي القديمة .