إن العمل الاسلامي اليوم يتطلب جهدا كبيرا لتحقيق نجاحه ، وذلك أن الإسلام يحارب بسوء تصرفات المتطفلين ، أدعياء العلم ، من لم يجمعوا بين الرواية والدراية ، وهم في زماننا هذا تصدروا في مجال الفتوى دون مراعاة لظروف المجتمعات.
فمن هنا استطاعت المؤسسات الإسلامية العالمية إتخاذ إجراءات رادعة وحاسمة في الوقوف أمام أولئك الدخلاء لمنعهم في ترويج بضاعتهم الخاسرة التي شوهت سمعة الإسلام .
ونحن نتذكر ان حادثة ١١ سبتمبر الأليمة التي غيرت العالم باسره ، وذلك بتفجير مركز التجارة العالمي في نيويورك بالولايات المتحدة الاميركية ، وكذلك البنتاغون ، وتم إلصاق الإسلام بالارهاب ، مع أن الإسلام بعيد عن ذلك ، لأن الاسلام رحمة للعالمين ، والارهاب تخويف وظلم وعدوان .
وقفت عديد من الدول الإسلامية في محاربة التطرف والارهاب بشتى الوسائل أمنيًا وعسكريا ، وتم تجفيف المنابع التي كان أصحابها يستسقون منها وعلى رأسها المملكة العربية السعودية ، تلك البقعة المباركة التي شرفها الله بالحرمين الشريفين ، وقادتها الاخيار ، من اتخذوا القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة منهجا للحياة فيها .
فكان أول مؤسسة عالمية لمحاربة الارهاب والتطرف مركز الحرب الفكرية بالرياض لصاحب السمو الملكي ولي العهد الامير محمد بن سلمان حفظهما الله.
وشهد العالم مواقف المملكة في محاربة الارهاب والتطرف حتى صنفت الخارجية الامريكية السعودية على انها في مقدمة الدول التي تحارب الارهاب، ويأتي ذلك ضمن جهود معالي وزير الشؤون الاسلامية الدكتور الشيخ عبداللطيف ال الشيخ حفظه الله الذي اتخذ موقف عظيما في تنقية أجواء المؤسسة الاسلامية السعودية من الأفكار الدخيلة التي تدعو إلى الكراهية وعدم التسامح واحترام الإنسانية .
وفي هذه الأيام نرى من ثمرة جهود حامل لواء الوسطية والاعتدال ونبذ التطرف والارهاب ، معالي الوزير آل الشيخ يقود سفينة السلام في المؤتمر الإسلامي العالمي 32 الذي نظمه المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بالقاهرة .
هذا المؤتمر الذي حضره عدد كبير من الشخصيات الاسلامية العالمية تم انعقاده في وقت تواجه الأمة الاسلامية تحديات كثيرة ، وأعظمها الارهاب ، الذي صار اليوم يشكل خطرا حقيقيا على الامن والاستقرار في العالم باسره.
ووجود بعض الشخصيات المهمة للقاء مع جائحة كورونا كان للمؤتمر صدى ايجابيا في العمل الاسلامي ودعمه من خلال الفكر السليم المنبثق من روح الإسلام ، ذلك الدين الذي جعله الله رحمة للعالمين .
كان العالم يترقب نتائج المؤتمر بحرص واهتمام لأنه مؤتمر دولي يضم وزراء ومفتين وبرلمانيين واعلاميين وكتاب من المسلمين وغيرهم من مختلف دول العالم ، فكانت النتيجة أن تم إصدار البيان الختامي متضمنا مخرجات وتوصيات المؤتمر .
وعن مخرجات وتوصيات المؤتمر تضمن الآتي :
١ التأكيد على أن مفهوم الدولة مفهوم مرن متطور ، وأن محاولة حصر مفهوم الدولة في أنموذج تاريخي معين وفرضه نمطا ثابتا أو قالبا جامدا إنما يعني غاية التحجر والجمود والوقوف عكس اتجاه عجلة الزمن ، بما يشكل شكلا لحركة الحياة ، فالتطور سنة الله في كونه .
٢ إذا كان العلماء يقررون أن الفتوى قد تتغير بتغير الزمان أو المكان أو الحال فإن المجال الارحب لذلك هو مجال السياسة الشرعية في بناء الدول ونظم الإدارة .
٣ التأكيد على أن أوطاننا أمانة في أعناقنا يجب ان نحافظ عليها - أفرادا ومؤسسات .وشعوبا وحكومات - وبكل ما أوتينا من قوة وأدوات وفكر .
٤ حتمية تكثيف الخطاب الديني والإعلامي لنشر أخلاقيات التعامل مع المجتمع الرقمي ، وتوعية المواطنين جميعا بعدم نشر أو ترويج الأخبار التي من شانها الإضرار بالأمن أو إشاعة الفتن، مع تشديد عقوبات هذه الجرائم بما يحقق الانضباط السلوكي والردع اللازم للمنحرفين عن سبيل الجادة .
٥ تدريب الأئمة والمعلمين ومقدمي البرامج الدينية والثقافية والإعلامية على غرس قيم التسامح والتعايش السلمي والقيم الإنسانية المشتركة .
فهذه التوصيات التي نجدها بين أيدينا العمل بها نجاح لامتنا الإسلامية التي هي تشكل جزءا كبيرا من العالم .
وهنا نشيد بالتصريح الاعلامي الذي أدلى به شيخ الازهر الشيخ الدكتور أحمد طيب - حفظه الله - بجانب معالي وزير الشؤون الاسلامية الدكتور الشيخ عبداللطيف ال الشيخ على الإخبارية السعودية حول جهود المملكة العربية السعودية في استئصال جذور الارهاب والتطرف في فترة وجيزة وذلك بتكاتف الشعب السعودي مع قيادته الرشيدة تحت ظل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين الامير محمد بن سلمان حفظهما الله .
إمام وخطيب المركز الثقافي الاسلامي بمدينة درانسي شمال باريس في فرنسا