تكلمنا في مقالة سابقة عن إطعام الطعام وفضله على المُطعِم وهم أهل الفضل ، وإطعام الطعام جزء من العطاء التي حضنّا القرآن الكريم على الإنفاق فقال الله تعالى : ((الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرّاً وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) وعندما نتأمل في بداية الآية : ( الذين ينفقون ..) والذين اسم إشارة إلى نفر مختصين في الإنفاق أشار عليهم القرآن الكريم ، ثمَّ أعطاهم صفة الإنفاق المستمر : ( ينفقون ) أي عطاؤهم مستمر وتنفقون تفيد استمرارية الإنفاق لذلك قال : ( بالليل والنهار ) وليس العطاء لمرة واحدة فقط ، ونرى كثرة المنفقين في شهر مضان ويتوقف البعض عن الإنفاق بعد رمضان ، وكأنَّ المحتاجين والفقراء لا يحتاجون إلى الطعام والإنفاق إلا في شهر رمضان فماذا يأكلون بعد رمضان ؟ ومن يُنفق عليهم ؟ لذلك كثرت آيات الإنفاق المستمر والتي تحضُّ المؤمنين الأغنياء بالإنفاق لكي يحصلون على شهادة (محسن ) عند الله وأما الذي ينفق مرة واحجة بالسنة فله أجر ماقدّم من نفقة ، فماهي ميزات المنفقين باستمرار طوال السنة ؟ نرى جواب هذا السؤال في نهاية الآية التي ذكرنا أعلاه : ( ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) فلهم الأمن من الخوف بأنواعه وعهد آخر من الله ألا يصيبهم حزن لا في الدنيا ولا في الآخرة ، وفي آية أخرى من كتاب الله المجيد آيتين عظيمتين من سورة آل عمران يقول الحق فيها : ( وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أُعدّت للمتقين * الذين ينفقون في السراء والضرآء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يُحبُّ المحسنين ) لكي يرفع الله عبداً من عبيده إلى درجة الإحسان وضع له شروطاً ومن أهمها الإنفاق في السرِّ والعلانية والمحسن هو من أحياب الله المقربين لأنه من أحبه الله قربه إليه ومن كان مقرباً من الله فمن ذا الذي يخشاه بعد ذلك ؟
وفي سورة (يس ) آية أخرى عظيمة ومخيفة قال الله تعالى : ( وإذا قيل لهم أنفقوا مما رزقكم الله قال الذين كفروا للذين آمنوا أنطعم من لو يشاء الله أطعمه إن أنتم إلا في ضلال مبين ) والكفر هنا ليس كفر العقيدة بل كفر النعمة التي أنعم الله بها على العبد لقوله : ( أنفقوا مما رزقكم الله ..) فالأموال التي بين يديكم هي رزق من الله يختبركم بها ومن نسي وشغلته شهواته عن حقِّ الله في المال الذي وهبه الله له وقال عندما يسأله فقير أعطني مما أعطاك الله فيقول ولو لنفسه ماجاء في الآية : ( أنطعم من لويشاء الله أطعمه ويلوي برأسه عن الفقير ويقول له : الله يعطيك .... هذه نسمعها وأصبحت كلمة عادية ولا ندري بأنها خطيرة جداً على قائلها لأنَّ الرسول الأكرم قال : " تصدقوا ولو بشقِّ تمرة " والمعنى لا ترد سائلاً ولو تعطيه نصف تمرة دليلاً على أنَّ البعض قد يستقل من شقِّ التمرة ولا يدري أنها تفرح المحتاج وهي عند الله كالجبل يجده المعطي حسنات كالجبل كما جاء بالحديث القدسي ويتعجب العبد من جبل الحسنات فيسأل الملائكة وهو يعلم بأنه ليس له عظمة هذه الأعمال فيقولون له ذلك الجبل هو شقِّ التمرة الذي تصدقت به .
بقلم 🖋️ البتول جمال التركي
1 comment
1 ping
شـــقــــرديـ
25/04/2021 at 8:04 ص[3] Link to this comment
اهنيكي اختي على هذا الموضوع
يلامس واقعنا. ويدمي قلوبنا
لكي احترامي سيدتي