شهر واحد فقط مضىٰ من العام الدراسي، حدثت فيه للأسف جريمتا قتل ،في أكبر مدينتين بالمملكة ،الرياض وجده،مرتكبوها أطفال وضحاياها أطفال، أين تربيتنا وأين تعليمنا يا وزارة التربية والتعليم؟!. وإلىٰ أين أنتم بنا ذاهبون؟!. سؤال يفرض نفسه علىٰ الدولة وعلىٰ الوزارة وعلىٰ المجتمع، لا يمكن السكوت عنه أو الصمت حياله، فلابد أن يستمر السؤال حتىٰ العثور علىٰ الإجابه، ويظل مفتوحاً أمام النيابة العامة؛ والمجتمع هنا هو النيابة وهو المحكمة؛ وهو المتهم والجاني والمجني عليه، فلعلنا نبحث في كذا اتجاه حتىٰ نتبين الأسباب وتتجلىٰ الحقيقة، وبلا تعصب أو تحيز ولنكن منصفين لأننا هنا نحن سنكون أيضاً القضاة فلا نظلم ولا نُظلم.
فقدنا التعليم بتمترس مجموعة من مدّعي الفضيلة خلف المناهج الدراسيه المتشربة بالعنف والتطرف، مناهج التعليم مُلئت بالحشو والحفظ ليس إلا، وإلا لماذا تدني مستوىٰ الطلبة والخريجين إلىٰ هذا المستوىٰ من التردي، وكل تغيير أو محاولة اصلاح أتىٰ بما هو اسوأ من سابقه، فاين الخلل؟!.
اذا كان الوزير يعجز عن الإجابه فلا شك نحن المواطنين أعجز، وهنا لابد من العودة للحل الكلاسيكي المعروف وهو: تحديد المشكله، ثم وضع الخيارات للحلول، تقييم الحلول، ثم اقتراح الحل المناسب، فهل عجز الوزاء المتعاقبون علىٰ الوزارة من بعد الخويطر -رحمه اللّٰه-؟!. إلىٰ الآن!. بمن فيهم العبقري الجاد محمد الرشيد -غفر اللّٰه له-. الذي أعرفه وأنا متأكد منه ان الخلل ليس هناك -ليس في الوزير ولا الوزارة-.
لنفرض جدلاً ولإشباع رغبات من له الرغبة في كيل التهم جزافاً، إن الوزارة والوزير فاقدين خططهم، وليس لهم علاقة او معرفة بالميدان، ويصدرون قراراتهم عشوائياً، ومن يعمل في الميدان غير من يُنظّر وهو متربع علىٰ كرسيه الدوار، وأن المدرسين مقصرون ووو...إلخ، وأثقفهم من يقول: أن العمل في الوزارة ليس إلاّ عملٌ عشوائي ليس له صفة مؤسساتية بحيث يُكمِل كل وزير عمل الوزير الذي سبقه.
فيما مضىٰ رأيت أن الوزارة بكل كفائة وإقتدار، تقبلت وستتقبل هذا الكيل من التهم، لإن الجهود بذلت والحقوق منحت والصلاحيات أعطيت، فماذا تبقىٰ إذن؟!. -القفىٰ حمال، والكلام بلا جمارك-، الوزارة عملت ما عليها وأكثر، فكيلوا تهمكم كيف شئتم.
لِنُسلِّم أن التعليم تردىٰ، فأين التربية؟!. في وزارة التعليم،لماذا تتنصل عن التربية وهي الأهم ولمن تركت؟ فعلىٰ الوزارة تحمّل مسؤلية التربية والتعليم والحرص والمراقبة لكل الطلبة من وقت دخولهم المدارس وحتىٰ وقت خروجهم منها، وإلا كيف نأمن علىٰ صغارنا الأبرياء بالأنخراط فيها، وإيداعهم في تلك المدارس التي أصبحت تؤرقنا وكانها مهالك؟!.
تساؤلاتنا مُشرَعة ومشروعة، فأبنائنا فلذات أكبادنا، ومن أبسط حقوقهم علينا عدم زجهم في مواضع الخطر، ونحن نسمع كل يوم بضحية، دهس، ونسيان في الحافلة، ونفوق وكانهم شياة، وطعن وقتال، وعصابات وتعصبات وعراك، ونحن في مدن وحضارة وقيادة رشيدة، وخير وافر وبلد عامر، فأين الخلل إذاً يا ترىٰ؟!.
أنا المواطن الموقع اسمي أدناه، أقسم باللّٰه العظيم أن أكون شاهداً بالحق مخلصاً لمليكي محافظاً علىٰ وطني ولا أبوح بسر فيه إخلال بوطني أو إضرار بمجتمعي، وعلىٰ أن أقول الحق وأعترف به -ليس لجلد الذات-، ولو كان مراً أو علىٰ نفسي، واللّٰه علىٰ ما أقول شهيد.
أما بعد: فإن معظم الأطفال ضحايا لتربيتنا نحن معظم الأباء والأمهات، فالحقيقة اننا فؤجينا بالنعمة وطفرة رأس المال، وأشغلتنا الحياة العصرية الجديدة، وسُرق منا الوقت، وداهمتنا التقنية الجديدة، وتسارع بنا الزمن، ولم ندرك وسائل وطرق التربية الحديثة، صحيح إننا أحسنا رعايتهم وتسمينهم ولم نحسن تربيتهم، ولسؤو الحظ فان الإعلام ووسائل التواصل والتقنية والألعاب الإلكترونية؛ ساهمت معنا وأخطأنا بتوفير الأجهزة لهم دون ضابط فعزلتهم عنا، فلم نهتم بالتربية كاهتمامنا بالرعاية -اطعامهم وشرابهم وترفيههم-، فأصبحنا ننشغل بحفلاتنا -هياطنا- ومظاهرنا، ومن حيث لا نعلم وبعدم ادراك منا، علمنا أولادنا بسلوكنا العنف في البيت والشارع،
لم يفهموا منا ومن سلوكياتنا إلا العصبية والقبلية والمباهاة واللا مبالاة، والتنافس علىٰ البذخ، وأفهمناهم بشكل مباشر وغير مباشر بأننا أفضل الناس وأفضل الأسر علىٰ الإطلاق، وقبيلتنا القبيلة التي لا قبيلة تشبهها، ولم نعلمهم الصبر والجلد وحسن الخلق والتواضع والتدبير والكرم والشيمة والمروءة، والأدب مع الآخرين، واحترام الكبير والعطف علىٰ الصغير.
لم نعلمهم التهذيب والجد والمثابرة، لأننا نحن الآباء درسنا وأملنا في تعليمنا لنتوظف لا لنتثقف، اهتمينا بمظاهرنا ولم نهتم بدواخلنا، لم نستثمر أموالنا التي شغلتنا عن أنفسنا وعنهم إلا في الإستهلاك للإهلاك، فهذا نحن -معظمنا- وهذه ثقافتنا وهذه نتائج لما جنيناه علىٰ أنفسنا، ولم يجنيه علينا أحد غيرنا، لا هذه الوزارة ولا أي مؤسسة تتعالىٰ عليها أصواتنا لنجعلها شماعة لأخطائنا، ولن تتغير الوزارة ولا المؤسسات الخدمية والإجتماعية إلا بعد أن نتغير نحن، فلنبدأ بإصلاح أنفسنا ثم نطالب باصلاح وزاراتنا ومؤسساتنا.
1 comment
1 ping
أبو خالد
03/10/2019 at 12:47 ص[3] Link to this comment
بسم الله
مقال رائع وأحب أن أضيف بأن الالعاب الألكترونية اللتي تنمي العنف عند الاطفال واللتي ينكف عليه أبنائنا بالساعات يوميا له دور في سلوك أبنائنا العدواني
والنقطة الأخرى والمهمة جدًا جدًا هي في عدم صلاحية البيئة الدراسية لأبنائنا الطلاب
ااعني بذلك بأن الإكتظاظ في الفصول والأسياب وعندما يبتاعون من المقاصف يجعل نسبة المشاحنات اكبر واكبر وتكون الشرارة الأولى لبدء العراك واللذي يصل الى القتل كما ماحدث مؤخرًا
ولكن اهم نقطة فعلية هي ماذكرها الكاتب
وعي بأن دور أولياء الأمور اصبح معدوم في اغلب العائلات