الله جل جلاله علّم آدم الأسماء كلها،من هنا إبتدأ العلم وإبتدأت المعرفة، (اللهم لاعلم لنا إلا ما علمتنا)،وارتكب أبونا أول مخالفة وأخطأ عندما خاض أول التجارب الأولية فللعبد مشيئة ولله المشيئة كلها، وهناك سنة لله بأن جعل الإنسان مسير ومخير وهناك أيضاً سبب وأسباب وقدراً لكل شيء وأقدار ،فقدر الله للأشياء ، وأقدار الله على الشيء بعد وقوعه ( قضاء)،فإن اخطأ البشر في السبب فسيكون القدر حتما قضاء عادلاً فخرج من الجنة، فالتجربة الأولى فشلت في النجاح، لكنها نجحت في إضافة إلى المعرفة، وكذلك أقتتل هابيل وقابيل،حصلت جريمة القتل الأولى،فتبين أن القتل جريمة، فزادت المعرفة ،وبعث الله الغراب، فتعلم طريقة الدفن.
أساس المعرفة من الله ،والله سبحانه أمرنا بالعلم ،فتتراكم المعرفة وتزداد بالخبرات والتجارب ،وكلٌ من عند الله لا شك، والله وهبنا أفئدة وعقول ،لكن مجمل ملكات القلوب والعقول هي التي تؤدي إلى النتيجه المعرفية الأفضل.
ولذلك فإن الخطاب القرآني ،ركز في مخاطبته للعقول والقلوب ،ومعظم التعبيرات مجازية وإشتقاقية ،(لا أعتقد إن كلمة عقل وردت في القران)فما يُعقل القلب يعقله ويمسك به، وما يفكر به هو في الدماغ، والعلاقة بينهما تنتج المعرفة وتراكماتها، ويرسل الله الأنبياء والرسل لتنوير البشر، ومدّهم بالمعرفة والعلم ،لتتطور وتتراكم المعارف البشرية، فصنع نوح السفينة بأمر من الله، والآن الله الحديد لِداوُود،وهكذا إضافات تراكمية للعلوم كلها وللمعارف،ومع كل نبي ورسول علوم جديدة ومعارف جديدة ،بقوانين مقدرة ونظام كامل ،لمن يعقِلها ويأخذ بالأسباب والقوانين من كل بني البشر.
مع ختام الديانات السماويه ،التي جميعها تدعوا إلى توحيد الله جل وعلا ، نزل الكتاب المعجزة والدين الكامل والرسول صلى الله عليه وسلم خاتم الانبياء والمرسلين والديانات قال تعالى: ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)،نعم إنه كمال الدين وكمال العلوم والمعارف والتشريعات،ولم يتبقى إلا التفكر والدبر والبحث والتمحيص.
إهتم غير العرب بالبحث والتعمق في الدين ،سواء الحديث والسيره أو القرآن وعلومه ،أكثر من العرب الذين نزل القران بلغتهم ،والعرب كثير لكنهم شوهوا الدين اكثر مما أصلحوه،نتيجة الصراعات القبليه والعشائريه والمذهبيه،وإن كانوا قلة من العرب، فهم من خارج الجزيرة للاسف الشديد، تعصباً نعم لكنه لدين الله ،الذي طبقه بعض أهله وخاصته شعائريا وشعاراً ولم يطبقوه علما وسلوكاً،بل والأدهى والأمر اننا قد نحارب من يخالفنا او يختلف معنا فيه،(يعني لا خيرنا ولا كفاية شرنا).
ونجد الغصة والمرارة أكثر عندما نعلم ،أن المستشرقين (الكفرة) خدموا القرآن وبحوثه أكثر مما خدمه المسلمون،نعم إنه للناس كافة وللبشرية جمعاء ،ولذلك زادت المعارف لديهم وأخذوا بالأسباب وتقدموا علينا.